كوارث تصديق رواية الحرّه

الحمدلله الذي انعم علينا بنعمة العقل والتفكّر وهدانا لطريقه المنير وجعلنا ممن يوحده ولايشرك به شيئاً ويتّبع سُنة نبيه الكريم ويعلن عن هويته السُنية ولايخجل منها كما يفعل بعض من انتسب الى اهل العلم في هذا الزمان.

إن ما يحزن القلب ويؤلم الصدر هو ما نراه ونسمعه من شيوخ ودعاة يملؤون مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية فضلا عن المنابر وهم يروون روايات تاريخية هابطة قبيحة المتن واهنة الإسناد تستخف بعقول الناس لا يحتمل ذكرها كل غيور على دينه وصحابة نبيه علية الصلاة والسلام كرواية..

(حرّة المدينة)!

تبدأ الرواية بزيارة عبد الله بن حنظلة مع اولاده (الثمانية) الى امير المؤمنين يزيد بن معاوية (رضي الله عنهما) فاستقبلهم يزيد وأكرمهم واعطى عبد الله 100الف درهم واعطى ابناءه كل واحد منهم 10الآف درهم. فلما رجعوا الى المدينة سأل اهل المدينة عبد الله فقالوا لهم ما وراءك؟ قال جئت من عند رجل لو لم أجد إلا ابنائي لجاهدته بهم! هنا نتوقف عند الكارثة الأولى: وهي الغدر فكيف يغدر صحابي عربي برجل ادخله داره وأكرمه واعطاه من ماله وعامله بالحسنى!! فهذا الخلق القبيح لم يفعله العرب حتى في زمن الجاهلية.

الكارثة الثانية: فقالوا له انه اعطاك وأحسن اليك و وصلك! فقال عبدالله ما قبلت ذلك الا لأتقوى به عليه! هذا يعني انهم يقرّون بالفضيلة وينكرون عليه في بادئ الأمر ثم يؤيدونه فينقضون البيعة معه! هذا دليل على ان اهل المدينة لا عهد لهم ولا ذمة ولا خُلق عربي وحاشاهم فإنهم (الاوس والخزرج) انهم (المهاجرين والانصار) اهل المكارم. تلك هي الكارثة الثانية! والآن نكمل الرواية لنكتشف المزيد من الكوارث.

فخلع عبدالله بيعة يزيد واجتمع عليه اهل المدينة فصاروا يخلعون بيعة يزيد! يقول الرجل منهم: اخلع بيعة هذا الرجل كما اخلع عمامتي هذه! , فيخلع عمامته ويلقيها ارضاً بجانب المنبر ويقول الآخر اخلع بيعتي منه كما اخلع نعلي هذا!! حتى اجتمع عند المنبر عمائم كثرة ونعّال كثار!! هنا المصيبة والكارثة الثالثة: حيث يستحيل من العربي ان يخلع عمامته ويرميها بجانب النعّال!! فهذه اهانه لا يتحملها عربي في ذلك الزمان. وعن أي منبر يتحدثون؟

إن كان منبر رسول الله (ص) فهذا ما لا يحتمله عقل ولا يفعل مثل هذا الفعل إلا اسافل القوم وحاشا اهل المدينة واصحاب رسول الله من هذا الفعل المشين!! انما اراد صاحب هذه الرواية (المجوسية) اهانة العرب والتشكيك بخلق الصحابة والتابعين الكرام.

وان ممن حذّر من خلع البيعة ونهى عنها: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وان ممن لم يدخل في هذا الأمر علي بن الحسين ولم يخلع بيعة يزيد! وكذلك اجتنب هذا الأمر محمد ابن الحنفية …. الى آخر الرواية. وهنا نتوقف عند الكارثة الرابعة: فهذا عبدالله بن عمر من علماء الأمة ومن المعلوم ان الصحابة والتابعين لا يغادرون له رئياً ولا نصيحة!! فكيف يخالفوه!! وتنزيه ابناء واحفاد علي رضي الله عنه من هذا الأمر تزكية لهم دون بقية الصحابة والتابعين! فالرواية شيعية فارسية بامتياز، واترك لكم متابعة الرواية حتى نصل الى آخرها وهي الكارثة الأخيرة: استباحة المدينة واغتصاب النساء حتى حبلت من الزنا 1000 إمراءة!! وكأن الراوي المجوسي كان يعمل في رعاية الأسرة او التعداد السكاني فتوصل الى هذا الرقم العجيب!! فهل هذا خُلق اهل الشام من المؤمنين! وماهذه الأخيرة إلا بصمة واضحة من بصمات الفرس المجوس ليثبتوا بعد حين ان اغلب اهل المدينة من ابناء الزنا وهذا مسلكهم الخبيث الخنيث الى اليوم (قذف المحصنات والطعن في الأعراض).

تحدثنا عن الرواية من حيث المتن، اما من حيث السند فالرواية سندها منقطع وفي السند (هشام الكلبي) وهو شيعي وقد نقل الرواية عن شيعي خبيث آخر وهو (ابو مخنف) ونقلها محمد بن زكريا الغلابي. وقد أنكر الرواية شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السُنة النبوية 575/4.

الخلاصة: الرواية لا تثبت من اي طريق صحيح وهي باطلة متنًا وسنداً ومن نشر الرواية على ضعفها وهوانها التاريخي دون التنويه على بطلانها فهو مُغرض.

ان من كوارث المنهج الدعوي اليوم: تجاهل الأحاديث الصحيحة وتصديق روايات تاريخية كاذبة وجهل مركب في مصطلح الحديث (تقديس السند قبل التدبر في قراءة المتن).

دعاة وشيوخ مغيبون عن منهج البحث التاريخي العلمي واتباع للهوى والمزاجية في إبراز الأحداث التاريخية.


أبو الحارث الدليمي

الأحد-الأول من شوال (عيد الفطر المبارك)

24/5/2020