حاملو لواء التقريب بين الدينين

الحمد لله الذي مَنًّ علينا بالإسلام والتوحيد وجعلنا من أهل السنة والجماعة، وأرسل إلينا خير رسله وخاتمهم محمدًا بن عبد الله "صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين"

الشيعة طائفة تتسمى بالإسلام وليس لها من الإسلام نصيب، ونادت بآراء وعقائد غريبة عن الإسلام وبعيدة عن كتاب الله وسنّة رسوله (ص) ولقد كان لظهور هذه الأفكار والعقائد، آثار بعيدة المدى في تفريق الأمة، ونتج عنها أخطر الاختلافات وهي اختلاف اهل السنة والشيعة، فلقد شهد التاريخ أحادثا داميا تمثلت في الصراع العنيف الذي دار بين الطائفتين ولايزال مستمرا الى يومنا هذا.

بعد قيام الثورة الإيرانية وتسلم حاخامات الشيعة زمام الحكم في إيران كثرت التساؤلات حول حقيقة هذا الفكر ومدى ارتباطه بالإسلام. ففكروا في شعار يرفعونه يحاولون به تخدير وخداع المسلمين فرفعوا شعار التقريب بين الدينين حيث إنهم يدَّعون أنهم مسلمون لا فرق بينهم وبين المسلمين السنة الا فروقات بسيطة تتصل بالفروع دون المساس بالأصول فالجميع يدينون بدين واحد وهو الإسلام. في الحقيقة الخلاف بين السنة والشيعة ليس منحصرا في تفضيل أبي بكر وعمر وعثمان على علي (رض) بل هو أعمق من ذلك كثيراً.

لذلك بدأت بوادر التقارب بين الدينين في القرن الخامس الهجري حيث يمكننا القول بأن الطوسي أول من حاول التقريب الفكري والنفسي بين الدينين ومنهم من يقول بأن الطبرسي هو الذي وضع اللبنات الأولى للتقريب بين أهل السنة والشيعة، فيمكن القول بأن من دعا الى هذا الفكر هم علماء وأئمة الطائفة الشيعية، وعليه حدث صراع دموي عنيف بين الجماعتين في سنة 442هـ و هنا استخدمت الشيعة التقية وقاموا بإعلان حالة صلح لتهدئة الوضع، بعدها بعام قاموا بنصب أبراج وكتبوا عليها بالذهب (محمد وعلي خير البشر فمن رضي فقد شكر ومن أبى فقد كفر) وهذا تكفير لمن قدم الخلفاء الثلاثة على علي وهم صحابة رسول الله(ص) وتنزيل لعلي (رض) منزلة افضل الرسل والأنبياء فبسبب صنيع الرافضة هذا اشتعلت الفتنة بين الفريقين ووقعت الحرب بينهما.

من خلال مسألة التقريب بين الدينين نجحت الشيعة في نشر التشيع والرفض في ديار السنّة، فقد قامت بعض الجهات السنية المتعاطفة مع الشيعة بالدعاية للتشيع عن طريق نشر الكتاب الشيعي بين أهل السنة، فنشروا عدة كتب من كتب الروافض، منها:

  1. المختصر النافع: لنجم الدين الحلي (ت 676هـ)

  2. تذكرة الفقهاء: للحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي (ت 726هـ).

  3. وسائل الشيعة ومستدركها: (الوسائل) لمحمد بن علي بن حسن الحر العاملي (ت 2204هـ) و(المستدرك) لشيخهم حسين النوري الطبرسي.

  4. الحج على المذاهب الخمسة: أي الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والجعفري.

  5. تفسير مجمع البيان: للطبرسي (ت 548هـ)

  6. حديث الثقلين: محمد قوام الدين القمي.

جل اهتماماتهم كانت بنشر كتب الفقه بالذات وبدأوا بالفروع قبل الأصول مع أن الفرقة الكبرى هي في مسائل الأصول والعقيدة، فكانت المحاولات لمصلحة الدين الشيعي والدفاع عن عقائدهم والثناء والمديح لرجالات الروافض، واستطاعوا ان يحصلوا على فتوى من علماء السنة المخدوعين بهم أمثال (شلتوت شيخ الأزهر آنذاك) فأصدر فتواه في سنة 1368هـ بجواز التعبد بالمذهب الجعفري. فقد كانت الفتوى بمثابة القطف الشهي والثمرة الكبرى لأنها أعطتهم الشرعية في ممارسة خبثهم برداء التقية والمضي لتحقيق أهدافهم.

والجدير بالذكر ان مسألة التقريب اقتصرت على نشر الدين الشيعي في مناطق تواجد أهل السنة فقط حيث لم تنشر الكتب السنية في ديار الشيعة، وحاولت تدريس الدين الشيعي في الأزهر ولم تحاول تدريس منهج وعقيدة أهل السنة في حوزات الشيعية العلمية في النجف او قم، وهذا يدل على نية مبيته وهدف مرسوم وراء دعوة التقريب وهو نشر الرفض بين المسلمين.

والآن أود أن اسرد لكم المحاولات الفردية للتقريب بين الدينين ونبدأ من بعض علماء السنة، لنرى من هم الذين دعوا الى التقريب بين الدينين، وهل لهم انتماءات ومن يقف وراءهم.

  1. محمد عبده: مفتي الديار المصرية، مصري درس في الازهر، مارس التصوف فترة ثم تفلسف وعمل في التعليم وتولى القضاء ثم جعل مستشارا في محكمة الاستئناف ثم مفتيا للديار المصرية، ويبدو انه استقى فكرة التقريب بين الدينين من أستاذه الرافضي جمال الدين الافغاني ورب سائل يسأل عن جمال الدين الافغاني فهو باختصار شديد ماسوني إيراني من أجلاف الشيعة نفذ كثيراً من المؤامرات الخطيرة في العالم الإسلامي وعملت الماسونية واليهودية على تصويره بطلا وحكيما من حكماء الإسلام، فكان محمد عبده تلميذه المقرب فتأثر به وأخذ منه هذا الفكر.

  2. محمد رشيد رضا: صاحب كتاب السنة والشيعة، فهو بغدادي الأصل الحسيني النسب، يذكر أنه كسابقه كان متأثرا في نشاطه هذا بأستاذه جمال الدين الافغاني.

  3. مصطفى السباعي: في البداية كان من دعاة التقارب ومن المهتمين بمسألة التقريب وقد بذل عدة مساعٍ مع بعض علماء الشيعة لتحقيق هذا الأمر. وما كان يخطر ببال السباعي او يدور بخلده ما تنطوي عليه نفوس القوم من أهداف وخطط، حتى فوجئ بعد فترة بأن عبد الحسين الموسوي أحد علماء الشيعة المتحمس للتقريب قام بإصدار كتاب "في أبي هريرة" مليء بالسباب والشتائم بل انتهى به القول (بأن أبا هريرة كان منافقا كافرا وان رسول الله قد أخبر عنه بأنه من أهل النار).

ويذكر السباعي ان غاية ما قدم شيوخ الشيعة تجاه فكرة التقريب هي جملة من المجاملات في الندوات والمجالس مع استمرار كثير منهم في سب الصحابة وإساءة الظن بهم، فهم ماضون وفق ما جاء في كتبهم من الطعن الجارح والتصوير المكذوب لما كان بين الصحابة من خلاف كأن المقصود من دعوة التقريب هي تقريب أهل السنة الى مذهبهم.

أما دعاة التقريب من الروافض فهم:

  1. آيتهم العظمى (محمد الخالصي) له نص خطير يكشف حقيقة الوحدة التي يدعو اليها وأنها تقوم على سب الصحابة فقد صرح بأنه يريد من أهل السنة أن يتحدوا معه على سب ام المؤمنين عائشة وخيار الصحابة (y) وإلا يفعلوا فلا وحدة وسيلوذ الخالصي بالتقية يقول: (فإن وافقنا بباقي طوائف المسلمين تمت الكلمة وائتلف الشمل وان أبوا رجعنا الى حكمنا الأول وهو "التقية" حذراً من الفرقة وحرصا على اتحاد الكلمة، وقلنا لا نسب معاوية لأنه صحابي وخال المؤمنين.. وإن جاء بالسيئات التي لا تغفر! ونذكر عائشة بكل خير وإن قتلت أبناءها وأحدثت الفتن! ولكن الأولى بإخواننا ان يتفقوا معنا _يعني على لعن الصحابة وسبهم_) وقد جرت بينه وبين بعض من العلماء وأصحاب العلم بعض المراسلات في مسألة الصحابة انتهت بيأسهم من استجابة الرجل لهذا الموضوع.

  2. عبد الحسين شرف الدين الموسوي: ينادي بفكرة التقارب بين الدينين ويتحمس لها، في الوقت نفسه يصدر الكتب المليئة بالطعن في حق خيار الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه والذين هم موضع حب وتقدير أهل السنة، فهل هذا صنيع من يريد التقارب؟

ولاتزال مسألة التقريب الشغل الشاغل لعلماء الدين الشيعي الى يومنا هذا، فنرى بعض المراجع الشيعية تقوم بحمل لواء التقريب بين الدينين باستعمال التقية فيستغلون السنّي الذي يجهل حقيقة الدين الشيعي، أضف الى هذا الدهاء والمكر الذي يتصف به علماء الشيعة بناءً على عقيدة التقية والكتمان، حيث أن هؤلاء الدهاة المَكَرَة لا يظهرون حقيقة مذهبهم وموقفهم العدائي من أهل السنة، فهم يتظاهرون بمحبة أهل السنة، ويتبرؤون من المطاعن والمآخذ الموجهة الى مذهبهم، فينخدع سليم القلب منا بظاهرهم، ولا يعلم أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.

ومع كل محاولة للتقريب بين الدينين يقع أحداث دامية لأهل السنة وذلك لتضعيف صفوفهم واجبارهم على القبول بهذه النظرية، وبه يمهدون الطريق لإقامة الدولة الصفوية المجوسية، وهذا ما نراه جليا في الساحة العراقية التي استضعفت السنة فيها، فقاموا بتدمير المدن السنية وابادوا هويتها من خلال القتل المتعمد والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي والاعتقالات العشوائية واجبار البعض على النزوح او التهجير، واليوم وبعد التغيير الذي حصل في المناطق المدمرة نرى بأن الشيعة قد استولوا على هذه المناطق ونشروا التشيع فيها وفتحوا بعض الحسينيات يمارسون طقوسهم وخرافاتهم في هذه المناطق. واضافة الى هذا فإن معتقلين السنة يتعرضون الى أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي ويجبروهم على اعتناق هذا الدين الخبيث الذي يطعن في كتاب الله وسنة رسوله وفي الصحابة.

لذا يمكننا القول بأن الخلاف بين الدينين أكبر وأعمق ولا يمكن التساهل والتهاون بشكل من الاشكال في هذه المسألة، فكيف يمكن أن نزيل أسباب النزاع والخلاف بالرجوع الى كتاب الله والسنة ما دمنا فيهما مختلفين؟! كيف نطبق قوله (I): (فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِى شَىْءٍۢ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ) وذلك برد النزاع الى كتاب الله وسنة رسوله (ص)، كيف يدعون المسلمين الى التقارب وهم يكفرونهم في كتبهم الأساسية؟ وهم يشذون عن الأمة بعقائدهم في الإمامة، والعصمة والتقية والرجعة والمهدية والبداء. فكيف السبيل الى التقريب مع كل الشذوذ المذكورة؟

فالشيعة لا يمكن أن تقوم بتنقية دينهم من الخرافات والموضوعات لأن الدين الشيعي قائم على ما هو خلاف الإسلام ويعز عليهم هدم ما بناه الأجداد.

ولنا كلمة للذين يحملون لواء التقريب بين الدينين من أهل السنة وهي أن لا ينخدعوا بكلمات الشيعة في التقريب، أيمكن أن نتفق على مسألة فرعية ونتنازل عن مسائل أصلية؟ أيمكن أن نصف الله (I) بالجهل والنسيان كما تصفه الشيعة وتطلق عليه لفظ البداء؟ أيمكن ان نحل الزنى تحت اسم المتعة، والكذب والنفاق باسم التقية؟ أيمكن أن نقبل ونرضى بأن نصبح ونمسي ونسمع لعن الصحابة (y)؟

لا يمكن التقارب مع هذه الفئة الضالة الخائنة، اسألوا التاريخ عن خياناتهم فهو أصدق ناطق وأحسن مجيب، اسألوه في أي عصر من عصورك لم تكتب على هذه الطائفة انحيازها الى غير المسلمين وانكفاءها شطر أخصام الإسلام فراراً من المسلمين؟ ثم أما حاولوا قتل البطل المجاهد السلطان صلاح الدين بينما هو يناجز عبدة الصلبان ويحاربهم ولكن الله انجاه منهم ومن عدوانهم؟ أي بطل من أبطال الإسلام وفاتحيه ومجاهديه لم يكرهوه ويمقتوه ما خلا علي بن ابي طالب (t) إذن ماذا نريد منهم ومن الاقتراب إليهم وتآلفهم؟

إننا نريد مسلماً واحداً سليماً قوياً ولا نريد ألف مريض هالك، ونريد جيشاً مؤلفاً من ثلاثمائة بطل كأبطال بدر ولا نريد جيشاً مؤلفاً من أربعمائة مليون من أمثال هؤلاء الذين يسبون أمثال ابي أيوب الأنصاري وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم

الخلاصة لم يؤيد الشيعة إلا جاهل أو مفكر متطفل استدرجه دهاة التقية فاستكتبوه فكان بوقاً لهم أو رجل فرشوا منزله بالسجاد التبريزي فكان نعم العون لهم، ألا أسخن الله عين من يحرص على إرضاء أعداء الصدِّيق والفاروق وعثمان وخالد وعمرو والمغيرة وابي أيوب وأبي عبيدة وصلاح الدين.

المصادر المعتمدة (بالتصرف)

  1. مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة، د. ناصر بن عبد الله بن علي القفاري، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، الرياض، 1413هـ، الجزء الأول-الثاني.

  2. الشيعة والتشيع فرق وتاريخ، إحسان إلهى ظهير، دار السلام، الطبعة العاشرة، 1415هـ.

  3. مجموعة مؤلفات الشيخ محمد مال الله في الرد على الشيعة الإمامية، محمد مال الله الخالدي _رحمه الله_، دار المنتقى، الرياض، الطبعة الأولى، 1433هـ. الجزء التاسع_الثامن_الخامس.


الكاتبة: عائشة الحسن