السودان: من الترابي والبشير الى حميدتي والبرهان

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


السودان: من الترابي والبشير الى حميدتي والبرهان


في البداية لنستعرض تاريخ السودان الحديث، و لنركز على كيفية وصول البلاد إلى صراعها الحالي. ونبدأ بتحليل دور المفكر الإسلامي الصوفي حسن الترابي، الذي عاد من الخارج وأسس الجبهة الإسلامية القومية، مستهدفًا الجامعات والجيش لتكوين قاعدة سلطة، حيث كان أحد تلامذته الرئيس السابق عمر البشير الذي قاد انقلاب عام 1989. ثم حدث بعد ذلك خلاف بين الترابي والبشير، ثم ظهرت قوات الجنجويد خلال تمرد دارفور، وبرز دور قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي حول البشير قواته إلى قوات الدعم السريع كقوة موازية للجيش. ثم حدثت المظاهرات التي ادت إلى عزل البشير وصعود البرهان، الذي حاول دمج قوات حميدتي في الجيش، ما أدى إلى صراع مسلح مستمر بين الطرفين، مدعومًا بمصالح دولية متضاربة، مع إهمال معاناة الشعب السوداني الذي دفع انهار من الدماء بسبب ذلك الصراع السلطوي المدعوم خارجياً.


الدور الذي لعبه الفكر الإسلامي في تشكيل الصراع بالسودان

لعب الفكر الإسلامي، كما تجسد في حركة يقودها شخصية محددة، دورًا تأسيسيًا ومحوريًا في تشكيل الهيكل السياسي والأمني الذي أدى لاحقًا إلى الصراع في السودان.

يمكن تلخيص الدور الذي لعبه الفكر الإسلامي في تشكيل الصراع بناءً على المصادر كالتالي:


1. الشخصية المحورية والتنظيم الإيديولوجي:

     تمحور الدور حول حسن الترابي، الذي كان رجلاً من عائلة صوفية ودرس في فرنسا.

     عاد الترابي إلى السودان وانضم إلى حزب من جماعة الإخوان المسلمين.

     أسس الترابي لاحقًا الجبهة الإسلامية القومية.


2. اختراق المؤسسة العسكرية:

     بدأ تنظيم الترابي بالعمل داخل الجامعات، حيث كان يدعم الطلاب.

     قام بإرسال الطلاب الذين نشأوا على فكر الإخوان المسلمين وتلقوا تربيته (تربوا على يده) للانضمام إلى الجيش.

     كان الترابي يؤكد لهؤلاء الطلاب أنهم ليسوا مجرد جنود، بل هم "مشروع إسلامي".

     انتقل التنظيم إلى مرحلة غرس الضباط داخل الجيش.


3. بناء "دولة داخل دولة" والوصول إلى السلطة:

     هذا التنظيم الداخلي في الجيش كان يهدف إلى تكوين دولة داخل دولة.

     الجنود الذين أرسلهم الترابي أصبحوا ضباطًا فيما بعد، ومنهم عمر البشير.

     قاد البشير الانقلاب في السودان عام 1989، وبذلك سيطر على الحكم، بينما أصبح حسن الترابي رئيسًا للبرلمان.


4. تأسيس نمط الصراع:

     بدأ الصراع السياسي علنًا بعد سيطرة البشير والترابي على الحكم، حيث حدث خلاف بينهما، مما أدى إلى عزل البشير للترابي وتحوله إلى معارض.

     تحولت هذه المعارضة الى مظاهرات شعبية ادت الى انقسامات وخلافات بين ابناء الشعب السوداني .


بشكل أساسي، شكل الفكر الإسلامي، من خلال تنظيم الترابي، النواة التي سيطرت على الجيش والدولة، وأنتجت القادة (مثل البشير) الذين أسسوا بعد ذلك القوات الموازية (قوات الدعم السريع لاحقًا) التي تتحارب اليوم.




توضيح لدوافع الصراع بين البشير والترابي.

استنادًا إلى المصادر المتاحة، كان الدافع الأساسي للصراع بين عمر البشير وحسن الترابي هو استحالة تقاسم السلطة بعد سيطرتهما المشتركة على الحكم.

يمكن توضيح دوافع وأسباب هذا الخلاف كالتالي:


1. استحالة اجتماع رجلين في الحكم:

     من المسلم به في علم السياسة انه "يستحيل أن يجتمع رجلان في الحكم".

     تزداد هذه الاستحالة في أن البشير والترابي كانا شريكين أساسيين في تدبير الانقلاب الذي أوصلهما إلى السلطة عام 1989.

     بموجب ترتيب ما بعد الانقلاب، سيطر البشير على الحكم، بينما أصبح الترابي رئيساً للبرلمان.


2. الخلاف وعملية الإبعاد:

     نتيجة لهذه الديناميكية الصعبة، "حصل خلاف بين الترابي والبشير".

     دفع هذا الخلاف البشير إلى التصرف لحسم السلطة، حيث قام "بعزل الترابي من منصبه"، وتخلص منه.


3. النتيجة وتحول الأدوار:

     أدى إبعاد الترابي إلى تحوله إلى "معارض للبشير"، حيث أصبح البشير يحكم والترابي يعارض ويحرض عليه.

باختصار، يمكن النظر إلى الصراع بين البشير والترابي كعملية حتمية لتثبيت الزعامة بعد مرحلة "العمل المشترك" للانقلاب، حيث كان من المستحيل على المنظومة السياسية الجديدة أن تستوعب سلطة مطلقة لرجلين في آن واحد.




تحليل أثر المصالح الخارجية على الصراع السوداني.

إن تحليل أثر المصالح الخارجية على الصراع السوداني، استنادًا إلى المصادر المتاحة، يكشف عن دور محوري لهذا الدعم الخارجي في تغذية النزاع وتحديد مساره ونتائجه الكارثية.

يمكن تلخيص أثر ودوافع المصالح الخارجية في تشكيل الصراع كالتالي:


1. دور المصالح والنفوذ الإقليمي والدولي في دعم الأطراف

تُعد حرب السودان جزءًا من حرب النفوذ والمصالح التي تتطلب انخراط قوى خارجية.

الانقسام في الدعم: تؤكد المصادر أن الدول المجاورة وحتى الدول البعيدة تجد لزامًا عليها أن "تدعم طرفًا من الأطراف".

تحديد المصالح: ينقسم الدعم بين الطرفين المتصارعين، حيث نجد من يدعم البرهان ومن يدعم حميدتي. وهذا الدعم لا ينبع من دوافع إنسانية، بل لأن هناك دولًا "عندها مصالح مع حميدتي" ودولًا أخرى "عندها مصالح وأمن قومي مع البرهان".

  • النتيجة المؤسفة: النتيجة المأساوية لهذا الانخراط الخارجي هي أن "لا أحد له مصالح مع الشعب السوداني“.


2. تمكين القوات الموازية عبر العلاقات الخارجية

أسهمت العلاقات الخارجية التي بناها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في تعزيز قوته قبل وأثناء الصراع:

السيطرة على الموارد والنفوذ: كان حميدتي يسيطر على مناجم الذهب، مما وفر له مصدرًا ماليًا ضخمًا.

  • العلاقات الإقليمية والدولية: كان لحميدتي "نفوذ وأموال وعلاقات" مع عدة أطراف خارجية، بما في ذلك الإمارات، وأطراف من ليبيا، ومن تشاد، وحتى من روسيا. هذه العلاقات وفرت له الدعم والقدرة على الاستمرار في الصراع.


3. الأثر المباشر على الأزمة الإنسانية

كان للدعم الخارجي أثر مباشر في تأزيم الوضع الإنساني في البلاد:

استمرار القتال: الدعم الخارجي أدى إلى استمرار الصراع بين "قوتين متوازيتين".

  • الكوارث الإنسانية: تسبب هذا الدعم وما ينتج عنه من قتال في "نزوح السودانيين" و**"تجويعهم"** ووقوع "مجازر كبيرة" تحدث "لحد الآن“.


4. التفسير الاستراتيجي للدوافع الخارجية

يُنظر إلى هذا السيناريو المتسلسل على أنه يتجاوز مجرد دعم الأطراف المتقاتلة وصولًا إلى أهداف استراتيجية أعمق للقوى الخارجية:

قد يكون هذا المشهد بمثابة "استعمار غير مباشر للسودان".

أو قد يكون محاولة "خلق الفوضى في السودان" وذلك بهدف تحقيق "مصالح معينة" لا تخص الشعب السوداني.

بشكل عام، تعمل المصالح الخارجية كوقود للصراع، حيث تزود الأطراف المتناحرة بالأموال والنفوذ اللازم لاستمرار حرب النفوذ على الأراضي السودانية، مما يفاقم محنة الشعب السوداني.

--------------------------------------------------------------------------------

الخلاصة: يمكن النظر إلى الصراع السوداني، بوجود المصالح الخارجية، كـ مباراة شطرنج دولية؛ حيث إن القادة السودانيين ليسوا سوى قطع على الرقعة، لكن الأيادي التي تحرك هذه القطع وتوفر لها الدعم والتمويل والعتاد هي أيادٍ خارجية، وكل لاعب خارجي يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة (الأمن القومي أو المصالح الاقتصادية) بغض النظر عن تدمير الرقعة نفسها (السودان).

ارى ان جميع الأطراف تتحمل مسؤولية ما يجري في هذا البلد العريق ويتحمل قادة الصراع الدماء التي أُسيلت على ارض السوادن الحبيبة ولازالت ونسأل الله ان يحقن دماء ابناء هذا الشعب وأن يوحد كلمتهم ولتكن مصلحة الشعب السوداني أولاً وأن ينعم عليهم بالأمن والأمان وسائر بلاد العرب والمسلمين.


الأستاذ : أبوالحارث بن محمد الدليمي

شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث