المولد النبوي من وجهة نظر نصرانية
بحث الأستاذ "وسترمارك" في الفصل السابع من كتابه "نشأة الآراء الخلقية وتطورها" الدور الذي تقوم به العادة في التكوين الابتدائي للأفكار المتعلقة بالأخلاق والقانون, فقال: "إن العادات والتقاليد في المجتمع البدائي تقوم مقام القانون, بل إنها تظل القاعدة المرعية الوحيدة للسلوك, حين يكون التنظيم الاجتماعي في هذه الجماعة البدائية قد قطع شوطا في سبيل الرقي "
وقد وضح قيمة العادة وخطرها في كمقياس من مقاييس القانون, وكقاعدة من قواعد التشريعات الخلقية والقضائية, وقد المح خلال بحثه إلى الأفكار الخلقية عند البدو من العرب والتركمان, لكنه أهمل مع ذلك ارتياد ناحية من نواحي دراساته الخطيرة الشأن, ألا وهي فكرة السُّنَّة ومقدار أثرها في المجتمع العربي في العصور الجاهلية والإسلام
فمنذ أقدم العصور كان المقياس الراجح الذي يحكم به العرب على شرعية الأعمال ولياقتها مهما كانت ظروف صدورها, منحصرا في تساؤلهم عما إذا كانت هذه الأعمال موافقة للقواعد التي ألفوها, أو العادات التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم فما من أمر أو فعل يوصف عندهم بالفضل والعدالة إلا إذا له أصل في عاداتهم الموروثة أو كان متفقا معهم, وهذه العادات التي تتألف منها سننهم تقوم مقام القانون أو الديانة, كما كانوا يرونها المصدر الأوحد للشريعة والدين ويعدون اطّراحها خطا جسيما ومخالفة خطيرة للقواعد المعروفة والتقاليد المرعية التي لا يصلح الخروج عليها وما يصدق عن الأفعال يصدق عن الأفكار الموروثة.
والجماعة يتحتم عليها أن لا تقبل في هذا المجال شيئا جديدا لا يتفق مع آراء أسلافها كما كانوا يرونها المصدر الأوحد للشريعة والدين ويعدون اطّراحها خطا جسيما ومخالفة خطيرة للقواعد المعروفة والتقاليد المرعية التي لا يصلح الخروج عليها وما يصدق عن الأفعال يصدق عن الأفكار الموروثة, والجماعة يتحتم عليها أن لا تقبل في هذا المجال شيئا جديدا لا يتفق مع آراء أسلافها وقد نقل العرب فيما بعد هذا الأمر إلى الإسلام الذي أمرهم بمخالفة سنتهم القديمة المتعارضة مع الشرع, وأصبح المسلمون لا يطالبون بإحياء سننهم الجاهلية التي نسخت معالمها بل بدؤوا بالمأثور من الأقوال والأفعال التي كانت لأقدم جيل من الأجيال المسلمة وأصبح أفراد هذا الجيل الأول هم المؤسسون لسنة جديدة تغاير السنن العربية الجاهلية وأخذ المسلمون منذ ذلك الوقت ينهجون في حياتهم نهج الأساليب والآراء التي صح عندهم أنها من أقوال النبي وأفعاله ويضعونها في المقام الأول, أو تلك التي صحت عن الصحابة ويضعونها في المقام الثاني, وهم لذلك يتوارثون سنة النبي والصحابة ويدأبون على الاقتداء بهم فيها, لذلك جعل الخلف من الحديث موضع ثقته الكبرى لاشتماله على ما أثر من أقوال وأفعال السلف
الأستاذ : ابراهيم بالحمر
إرسال تعليق