دور امتيازات العاصمة في تغذية الصراع بين الحجاز والعراق والشام

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


دور امتيازات العاصمة في تغذية الصراع بين الحجاز والعراق والشام


كانت الأمة واحدة قلبا وقالبا ظاهرا وباطنا، وكان النداء الذي أطلقه عثمان بن عفان رضي الله عنه لقتلته يوم صرحوا برغبتهم في ذلك قائلا  (والله لئن قتلتموني فلا تتحابون بعدي أبدا، ولا تصلون جميعا بعدي أبدا، ولا تقاتلون عدوا معا جميعا بعدي أبدا) 


وكما قال سمرة بن جندب أن قتل عثمان بن عفان ثلم ثلمة في الأمة لا تسد إلى يوم القيامة 


فكانت الأمة واحدة وصارت اثنتين وتفرقت 


ولو عدنا ونظرنا لعصر صدر الإسلام زمن النبي ﷺ حتى مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه سنجد أن العاصمة تمثلت في المدينة النبوية 


بالتالي هذا يجعل عندك أن أولوية الامتيازات هي للعاصمة وسكانها وهذه حالة طبيعية مستمرة حتى اليوم ولا غرابة فيها


فالعاصمة مقر الملك ومقر الوزراء ومقر قادة العساكر ولها يأتي الوفود ومنها تخرج الحشود وكل شيء فيها حتما سيكون أكبر مما هو خارجها 


مع قيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بإخراج العاصمة من المدينة وتحويلها للكوفة هو هنا نقل ما كانت تحصل عليه المدينة من امتيازات إلى الكوفة كعاصمة له 


ولكن لأن الكوفة في الأصل لم تكن إلا بقعة وحاضرة عسكرية ولاختلاف أهواء ومشارب قواته التي تخلص جناح منها منه فقتله عادت العاصمة لحاضرة مدنية جديدة هي دمشق 


برزت دمشق كعاصمة القرار العالمي بعدما كانت المدينة واستمرت على هذا الحال لعقدين من الزمان زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه 


وحين تولى يزيد بدأت أول معارضة من المدينة وهدفها عودة الامتيازات التي كانت تتمتع بها المدينة كعاصمة 


سبق حسين بن علي لإعادة إحياء الكوفة، ظهر أهل الحرة، ظهر ابن الزبير وامتنع عن بيعة يزيد ومات يزيد وجيشه محاصر لابن الزبير 


لم يجد جيش الشام أي غضاضة في شخصية عبدالله بن الزبير بأن يكون خليفة للمسلمين لكن تكون عاصمة خلافته في الشام وهدف الشاميين هنا أمران هما :

- ألا تخسر دمشق ومن فيها وأهلها امتيازات ظلت تحصل عليها لربع قرن في خلافة معاوية ويزيد

- خوفا من انتقام أهل الحجاز إن هم دخلوا في طاعة ابن الزبير وبقوا معه في الحجاز لأنهم قضوا على تمرد ابن مطيع في المدينة سابقا


ولم يوافق ابن الزبير على هذا الأمر وظل متمسكا متعنتا في مبدأ عودة نقل الامتيازات لأحد حواضر الحجاز ( مكة أو المدينة ) في محاولة منه لإحياء ميت 


وهذا ما أدى للقضاء عليه إضافة أن قواته كانت ذات ولاءات شتى كقوات علي بن أبي طالب 


هذا الأمر تكرر بحذافيره في تمرد ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف الثقفي 


لأنك ستجد أنه من ضمن شروط الصلح بين عبدالملك بن مروان وابن الأشعث فقرة مهمة نصّت على ( أن يتساوى أهل العراق مع أهل الشام في العطاء ) يعني يتساوون في الامتيازات ولو وافق وقتها ابن الأشعث على هذا لمرت فترة زمنية وانقلب أهل الشام على عبدالملك لأن العاصمة لا ترضى إلا الصدارة ومحال تقبل بالمساواة،  أو لطالبوه بزيادة العطاء ليسكتوا 



لذلك كان فريق ابن الأشعث في الأصل لا يختلف عن فريق عبدالله بن الزبير ولا عن فريق علي بن أبي طالب فهو يجمع حشود متعددة الأفكار والولاء والهدف  


وما فات هو أشبه بقطعة اللحم الأساسية التي يجب عليك إحضارها وطهيها لتكوين الطعام الكامل اللذيذ


أما ما تبقى مبسوطا في كتب التاريخ حول المظالم والانتهاكات فما هي إلا توابل يستخدمها هذا الفريق أو ذاك لإضفاء مذاق خاص على مطالبه وليخرج بطبخة جديدة ذات اسم جديد


صراع الامتيازات في تقاسم الولاءات


الأستاذ : ابراهيم بالحمر



قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث