المؤسس الثاني .. مروان بن الحكم

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق


 المؤسس الثاني .. مروان بن الحكم

وُلدَ في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك - 21 / 9 / 2 هـ - سادس الخلفاء الراشدين الباعث الثالث للإمبراطورية العربية رابع خليفة للمسلمين من بني أُمية الفقيه العادل الأمين القوي في حدود الله أمير المؤمنين أبو عبدالملك ، مروان بن الحكم بن أبي العاص عمرو بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف الأُموي العبشمي القرشي رضي الله عنه وارضاه ..


‏وُلدَ مروان في مكة ولقي في صغره مع أبيه الصحابي الجليل الحكم بن أبي العاص رضي الله عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مبايعين له في مكة ، وقد حجَّا معه حَجَّة الوداع ، وأُمُّ مروان هي السيدة آمنة بنت علقمة بن صفوان الكنانية ، ومروان بن الحكم بن أبي العاص الأُموي رضي الله عنه وارضاه ابن العم المباشر لذي النورين أمير المؤمنين ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفَّان بن أبي العاص الأُموي رضي الله عنه وارضاه ..


‏كان كاتباً لأمير المؤمنين عثمان بن عفان عليه السلام والرضوان في أثناء خلافته ، وقد قاتل مروان يوم الدَّار قتالاً شديداً ، وقَتَلَ بعضاً من الخوارج وأُصيب على إثر ذلك إصابة بليغة في عنقه كاد أن يستشهد بسببها وظلَّ أوقص العنق أي قصير العنق نتيجة للكسر في إحدى الفقرات حتى وفاته رحمه الله ورضي عنه ، وكان قائد الميسرة يوم الجمل في جيش أم المؤمنين عائشة عليها السلام ..


‏يُعد مروان بن الحكم رضي الله عنهما من الحفاظ لكتاب الله ، ومن فقهاء المدينة المعدودين ، قال ابن المبارك : عن جرير بن حازم ، عن عبدالملك بن عمير ، عن قبيصة بن جابر أنه قال لمعاوية رضي الله عنه : من تركت لهذا الأمر من بعدك ؟ فقال : « … أمَّا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، الشديد في حدود الله ، مروان بن الحكم … » ، وقد استنابه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين معاوية رضي الله عنه وارضاه على المدينة غير مرة ، يعزله ثم يعيده إليها ، وأقام للناس الحج في سنين متعددة ، وقال أحمد بن حنبل : « كان عند مروان القضاء ، وكان يتتبع قضايا عمر بن الخطاب » ، فرضي الله عنه وارضاه ياله من رجلٍ قلَّ نظيره في التاريخ الإنساني ، سياسي ورجل دولة عظيم وكذلك إمامٌ من أئمة الهدى في الدِّين والفقه والقضاء ..


‏من صور كرمه وجوده رضي الله عنه وارضاه ما رواه المدائني عن إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد أن مروان أسلف علي بن حسين ، حين رجع إلى المدينة بعد مقتل حسين ستة آلاف دينار ، فلمَّا حضرته الوفاة أوصى إلى ابنه عبدالملك أن لا يسترجع من علي بن حسين شيئاً ، فبعث إليه عبدالملك بذلك فامتنع من قبولها ، فألحَّ عليه فقبلها ..


‏كان مروان حكيماً ذا عقل وكياسة ، ومما يدل على حكمته وعقله لمَّا كان نائباً بالمدينة إذا وقعت معضلة جمع من عنده من الصحابة فاستشارهم فيها ، وهو الذي جمع الصيعان فأخذ بأعدلها فنسب إليه الصاع فصار اسمه صاع مروان ..


‏قال القاضي أبو بكر بن العربي عن مروان بن الحكم رضي الله عنهما في (العواصم من القواصم ج 1 ص 89-90) : « مروان رجل عدل من كبار الأُمَّة عند الصحابة وعند التابعين وفقهاء المسلمين ، أمَّا الصحابة فإن سهل بن سعد الساعدي روى عنه ، وأمَّا التابعون فأصحابه في السن ، وإن كان جازهم باسم الصحبة في أحد القولين ، وأمَّا فقهاء الأمصار فكلهم على تعظيمه ، واعتبار خلافته ، والتَّلَفُّت إلى فتواه ، والانقياد إلى روايته ، وأمَّا السفهاء من المؤرخين والأدباء فيقولون على أقدارهم »


‏أنقذ أمير المؤمنين مروان العظيم الأُمَّة والدولة من السقوط والإندثار ، وساهم في بعث الإمبراطورية العربية من جديد ، فكان بحق الباعث الثالث للإمبراطورية بعد أبي بكر ومعاوية والخليفة الأُموي الرابع بعد عثمان ومعاوية ويزيد رضي الله عنهم أجمعين ، تسلَّم منصب الخلافة بعد وفاة أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين يزيد بن معاوية رضي الله عنهما ، إذ انعقد مؤتمر الجابية في الشام بين أهل الحلِّ والعقد رجال وقادة الدولة فنُصِّب مروان في اليوم الثالث من ذي القعدة عام 64 هـ كخليفة شرعي للمسلمين ..


‏بايع مروان اكثر قبائل أهل الشام كالأزد وكلب وطيء وربيعة وغيرهم عدا القيسيين الذين بايعوا ابن الزبير تحت زعامة الضحاك بن قيس ، فسار مروان بمن معه من قبائل العرب لملاقاة الضحاك وقومه في مرج راهط وتغلَّب عليهم ، ثم بعد أن وحَّد الشام تحت حكمه وثب إلى مصر وانتزعها من عامل ابن الزبير عليها في مطلع شهر جمادى الأولى عام 65 هـ ..


‏يُروى أن آخر ما تكلَّم به مروان قبل وفاته رحمه الله ورضي عنه : « وجبت الجنة لمن خاف النار » وكان نقش خاتمه العزة لله ، وقال الأصمعي : كان نقش خاتم مروان آمنت بالعزيز الرحيم ..


توفي رحمه الله بدمشق في اليوم الثالث من شهر رمضان سنة 65 هـ ، وهو ابن 63 عام ، وصلَّى عليه ابنه عبدالملك بعد أن عهد له بالخلافة ، مستكملاً بعد أبيه مشروع توحيد الدولة.


الأستاذ : وليد الزهراني



قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث