ازدواجية كوفية - الإقتصاص من القتله !

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق



إزدواجـيـة كـوفـيـة 

يسألون باستنكار عن سبب عدم اقتصاص الخليفة يزيد بن معاوية من قتلة الحسين بن علي، لكنهم يُحرّمون السؤال عن سبب عدم اقتصاص علي بن أبي طالب من قتلة الخليفة الراشد عثمان بن عفان! يتساءلون بإسهاب عن أسباب امتناع معاوية عن مبايعة علي، ويُسرفون في تأويلها، لكنهم يمنعون السؤال عن سبب امتناع علي عن بيعة أبي بكر الصديق. يتحدثون مطولًا عن الخارجين على علي، ويسمونهم الخوارج والفئة الباغية، بينما يحظرون السؤال عن الفئة التي بغت على عثمان، وقتلته محصورًا، عطشان، مظلومًا، مخذولًا. يفسّقون يزيد، ويحملونه دم الحسين، مع أنه لم تكن له يد في مقتله، ولم يكن حاضرًا، إذ وقعت الفاجعة في العراق، وهو في الشام، ولم يكن هو من خرج عليه أو قاتله. وفي المقابل، يُبرّئون قتلة عثمان، ومن آواهم، بل ويترضّون عنهم! وإن سُئلوا عن السبب، قالوا: "تلك دماء عصم الله منها سيوفنا، فلنعصم ألسنتنا." لكنهم لا يتحرّجون من الخوض في أسباب التمرد على عثمان، ويُعيدون روايات المحفل الكوفي عن تمييزه لأقاربه، وعن الرسالة المزعومة التي تأمر بقتل المتمرّدين، ورفضه التنازل! وإذا سُئلوا عن الرسائل التي خرجت من المدينة إلى الأمصار، والتي بسببها تداعى المتمرّدون إلى المدينة وبغوا على الخليفة، قالوا: لا تخوضوا في الصحابة! ثم كرروا: "تلك دماء..." أما حين يُسأل عن أم المؤمنين وخروجها، قالوا تارة: خرجت للإصلاح، وتارة: أخطأت وتابت، وثالثة: يستشهدون بحديث "كلاب الحوأب" المكذوب. ولا يعصمون ألسنتهم عنها، وهي أم المؤمنين الطاهرة المطهّرة، أرفع مقامًا وأعلى شأنًا من سائر الصحابة، رضي الله عنها وعنهم. وحين يُسأل عن وقعة الجمل، والاعتداء على أم المؤمنين، أو مقتل طلحة والزبير، قالوا: دعوا الصحابة وشأنهم، كلهم اجتهد وأصاب، رضي الله عنهم أجمعين. لكن إذا سألتهم عن الفئة التي كانت على الحق، جاؤوك بحديث: "ويح عمّار"، وفسّروا، واستطالوا، وحدّدوا من هو على الحق، وجعلوه علامة قاطعة! فإذا قيل لهم: لماذا هنا بيّنتم واستفضتم؟ لماذا لا تتركون للناس حرية البحث عن حديث: "هذا وأصحابه يومئذ على الحق والهدى"، أو حديث: "عليكم بالأمين وأصحابه"؟ قالوا: وما الفائدة؟ فـ"تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم، ولا تُسألون عما كانوا يعملون!" وإذا ذُكر معاوية أو طلحة أو الزبير أو عمرو بن العاص، سلّقوهم بألسنة حداد، يرددون الروايات عن "أخطائهم ومساوئهم"، مما بثّه المحفل الكوفي، دون ورع أو إنصاف. لكن إن سُئلوا: من أوقد الفتنة؟ من نصب الخليفة بعد عثمان؟ من دفنه؟ أين ذهب قاتلوه؟ ما مصيرهم؟ أين كان الخليفة التالي لحظة مقتله؟ وما موقفه؟ أو إن سُئلوا عن الذي قالت فيه أم المؤمنين صفية: "ردّوني لا يفضحني هذا الكلب!" ثارت ثائرتهم، وقالوا: أغلقوا هذا الباب! "تلك فتنة عصم الله منها سيوفنا، فلنعصم ألسنتنا!" يعصمون ألسنتهم عن البغاة الجناة، ومن يقف خلفهم، بل يُمجّدونهم، ويلتمسون لهم الأعذار، ثم يصبّون سهامهم على المظلومين المبغيّ عليهم، ويطعنون فيهم، ويرددون روايات خصومهم بلا حياء أو تردد. ثم يقولون: لسنا متشيعين لأحد، بل نحرص على مقام الصحابة، ونتجنب الخوض فيهم!

تالله، إنهم لأبغى من البغاة الأولين! وعلى نهج الكوفيين يسيرون، وبهم يقتدون!


الأستاذ : عبد الكريم عمران


قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث