الحجَّاج بن يوسف: سيف بني أميَّة وجلَّاد أبواق الباطنية ومطرقة على رؤوس الشعوبية

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

 



الحجَّاج بن يوسف: سيف بني أميَّة وجلَّاد أبواق الباطنية ومطرقة على رؤوس الشعوبية  


لم يُظلَم في التاريخ العربي رجلاً مثلما ظُلِم الحجَّاج بن يوسف الثقفي رضي الله عنه وارضاه هذا البطل الأُموي الذي أقام للدولة هيبتها ، ودكَّ حصون الخونة في الكوفة والبصرة ، وقاد عصر الفتوحات إلى آفاق لم يطأها أحد قبله لكنَّ أبواق الباطنية ، ومطايا حمراء الكوفة ، وجدوا في سيرته ميداناً لبثِّ أحقادهم ، فغزوا كتب الأخبار والروايات بالأكاذيب حتَّى غدا الحجَّاج عند الجهلة مجرَّد "سفَّاك" والحقيقة أنه كان سيفاً مسلولاً على رقاب المارقين ، وعقاباً على رؤوس الشعوبيين من الذين يُسمَّون زوراً مؤرخين!

محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ) ، وإن عُدَّ عند كثيرين "إمام المؤرخين" إلَّا أنه لم يكن إلَّا صدى لصوت حمراء الكوفة ومواخيرها ، فقد جمع في تاريخه كلَّ ما التقطه من مجاهيل الكوفة ، فجعل الروايات الشعوبية أساساً ثم سطَّرها كأنها يقين .. قال الذهبي نفسه عن الطبري : "كان فيه تشيع يسير" (ميزان الاعتدال 3/498) ، وتشيع يسير عند الذهبي ليس إلَّا ستراً لتشيعٍ غليظ ، وذكر الخطيب البغدادي ميله للتشيع ، مما يطعن في موضوعيته ، فأي موضوعية تُرتجى من مؤرخ يطعن في الأمويين وينفخ في أساطير مقتل حسين ويُعرض عن مأساة عثمان رضي الله عنه وارضاه ، ثمَّ يقوم باختلاق الأخطاء والمثالب على الحجَّاج ويهوِّن من إنجازاته العظمى وغيره من خلفاء وولاة بني أميَّة العظماء ؟!


أمَّا ابن قايماز الذهبي (ت 748هـ) ، فما هو إلَّا ميزانٌ معوجّ تفنَّن في تكريس وتمجيد وترسيخ روايات حمراء الكوفة في أذهان أبناء "الأمَّة المسكينة" ، فقد صرَّح ابن حجر في لسان الميزان (4/37) بوجود تشيع ظاهر في أحكامه .. إنَّ الذهبي لم يكد يذكر الأُمويين إلا مقترنين بالانتقاص بينما يغدق الثناء على خصومهم من قتلة عثمان المارقين المنافقين ، فكيف يُعتمد على ميزانه في تقييم الحجَّاج ؟!


لم يكن الحجَّاج مجرَّد والٍ عسكري بل كان صانع نهضة وحضارة للدولة العربية الأموية ، فهو الذي أشار على الخليفة عبد الملك بن مروان رضي الله عنهما بتعريب الدواوين بعدما كانت تُكتب وتُدار بالفارسية واليونانية ، فانتقلت الإدارة إلى لسان العرب ، وتوحَّد سجل الدولة بلغتها ، وقد ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية (9/138) نقلاً عن أخبار عبد الملك ، كما أشار أيضاً بسك العملة لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، فضُربت الدنانير والدراهم العربية الصرفة لأول مرَّة في التاريخ منزوعة من شوائب الروم والفرس لتكون علامة سيادة واستقلال للأمة العربية..

كما قام بإحياء لغة العرب بسياساته وقراراته المباركة حتَّى غدت العربية لغة الدولة والإدارة لا مجرَّد لغة عرقيَّة ، وبذلك أعزَّ العرب وجعل سلطانهم واضحاً بين الأمم ظاهراً عليهم..

كما أذن له الخليفة الوليد بن عبدالملك ببعث جيوش الفتح نحو المشرق فبعث من قبله اثنين من أعظم القادة العسكريين عبر التاريخ قتيبة بن مسلم الباهلي الذي فتح بلاد ما وراء النهر حتى تخوم الصين "أواسط آسيا بكاملها وبعض اطرافها الشرقية" ، ومحمد بن القاسم الثقفي الذي فتح بلاد السند واقليم كشمير حتى ضم ما يقارب 90 % من أراضي وجزر شبه القارة الهندية ، وكل هذه الفتوحات العظمى وغير المسبوقة برعاية الحجَّاج رضي الله عنه وإدارته وقيادته..

نشر الحجَّاج في الأرجاء ومختلف الأنحاء والأمصار العدل والهيبة ، ففرض الأمن في العراقين "العربي والأعجمي" ، وجعل الخونة عبرة حتَّى صار اسمه يبعث الرعب في كل من تحدِّثه نفسه بالخروج..

فليعلم هؤلاء الإمعات المتطاولين عليه من أبواق الباطنية ومطايا حمراء الكوفة أنَّ محاولاتهم المستمرَّة لتشويه الحجَّاج لن تزيده إلَّا رفعة ، ولن تزيدنا إلَّا إنصافاً ونشراً لفضائله التي لا تُعد ولا تُحصى وإصراراً على ردِّ المفتريات الباطلة والأكاذيب السخيفة عنه ، ولن تزيدهم إلا خزيَّاً و عاراً ، أمَّا الطبري والذهبي وأمثالهما من المتشيعين ، فالتاريخ يفضح انحيازهم الفج ، والنقد العلمي الموضوعي يكشف عوارهم ويبين مدى اختلال موازينهم واهتزاز معاييرهم وهوان حججهم ..


الحجّاج بن يوسف الثقفي سيظلُّ سيفاً للعرب ، ورعباً للكوفة الحمراء ، وما خصومه إلَّا أحجارٌ على رقعة الشطرنج الشعوبية.


الأستاذ والباحث : وليد الزهراني


شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث