بطلان احاديث زواج أم المؤمنين عائشة وهي صغيرة
يحتج العديد من متعصبي النصارى وأقزام العلمانية والشيعة بأحاديث زواج النبي عليه الصلاة والسلام من أم المؤمنين عائشة وهي صغيرة لقصد الإساءة الى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام..
المشكلة ليست مع هؤلاء، فنحن نعلم مدى حقدهم على نبي الإسلام، ولكن المشكلة في بعض الشيوخ ممن يصدق مثل هذه الأحاديث ويعمد الى تصحيحها مع ضعفها وبطلانها وطعنها المباشر بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ثم يقوم بنشرها بين الناس.
احاديث زواج النبي بعائشة وهي صغيرة جاءت بعدة طرق ونذكر منها..
الطريق الأول : طريق عروة، عن الزبير، عن عائشة الموجود في كتابي البخاري ومسلم..
في سنده : عبد الرزاق الصنعاني، وهو شيعي ومتهم بالكذب عند المحدثين .
وفيه : هشام بن عروة وقد تغيير حفظه بعد ذهابه الى العراق، وقد بدأ يخلط في المرويات، وقال يعقوب بن شيبة السدودي : هشام ثبت، لم يُنكر عليه إلا بعدما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية، فأنكر ذلك عليه أهل بلده. وقال عبد الرحمن بن خراش :بلغني أن مالكا نقم على هشام بن عروة حديثه لأهل العراق، وكان لا يرضاه، ثم قال : قدم الكوفة ثلاث مرات. قدمة الأولى.. كان يقول فيها : حدثني أبي، قال : سمعت عائشة. والثانية.. فكان يقول : أخبرني أبي عن عائشة. وقدم الثالثة فكان يقول : عن أبي عن عائشة، يعني يرسل عن أبيه!! وقال ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب : ثقة فقيه ربما دلس.
وقال الآجري عن أبي داود : لما حدث هشام بن عروة بحديث أم زرع هجره أبو الأسود يتيم عروة
وقال العقيلي : قال ابن لهيعة : كان أبو الأسود يعجب من حديث هشام عن أبيه، وربما مكث سنة لا يكلمه .
وكل الذين رووا هذا الحديث عن عروة، كانوا من العراق،.
ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ [كوفي]
ﻭﻋﺒﺪة بن سليمان [كوفي]،.
وعبدالرحمن بن أبي الزناد [بغدادي مدني ضعيف]،.
وعلي بن مسهر [كوفي]،.
ﻭﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺃﺳﺎﻣﺔ [كوفي]،.
وأبو سلمة، حماد بن سلمة [بصري]،.
ﻭﻭﻫﻴﺐ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ [بصري]،.
وجعفر بن سليمان الضبعي [بصري، شيعي]،.
ﻭبشر بن خالد [بصري]،.
وأبو معاوية، محمد بن خازم [كوفي، مضطرب]،.
ﻋﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺮﻭﺓ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، عن عائشة،.. كلهم عراقيون .
الطريق الثاني : طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة الذي رواه مسلم..
في السند:ﺃﺑﻲ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﺯﻡ ( ثقة، يضطرب، يروي المناكير )
وفيه ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﻬﺮاﻥ اﻷﻋﻤﺶ( ثقة مدلس، ولم يصرح بالسماع )
وفيه ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻨﺨﻌﻲ( ثقة، كثير الإرسال، لم يصرح بالسماع ).
ومحمد بن خازم كوفي، ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺰﻱ : ﺫﻛﺮﻩ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ(اﻟﺜﻘﺎﺕ) ، ﻭﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻓﻈﺎ ﻣﺘﻘﻨﺎ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺟﺌﺎ ﺧﺒﻴﺜﺎ. ( ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ )
وفي السند أيضاً : الأعمش سليمان بن مهران الكوفي، ﻣﻦ ﺷﻴﻮﺥ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪﻟﺲ ﻭﻳﺴﻘﻂ ﺃﺳﻤﺎء اﻟﻀﻌﻔﺎء ﻣﻦ اﻹﺳﻨﺎﺩ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ : ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﻔﻀﻞ، ﻋﻦ ﻣﻐﻴﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ ﺇﻻ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻭاﻷﻋﻤﺶ. ( اﻟﻌﻠﻞ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮﺟﺎﻝ ).
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﻤﺎﺭ: اﻷﻋﻤﺶ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﺪﻟﻴﺲ, ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺃﺧﺬ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﺜﻘﺎﺕ. ( ﻋﻠﻞ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ 1/ 89 ).
الطريق الثالث : طريق الأجلح، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة..
الحديث اخرجه النسائي في ( الكبرى 5345 ).
في سنده : ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ إﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ ( ليس بحجة، تغير حفظه ) وقد ذكره العُقيلي في ( الضعفاء 3/68 ) ﻋﻦ اﻷﺟﻠﺢ ( ليس بحجة، شيعي ).
والأجلح ضعفه النسائي وقال : ضعيف ليس بذاك وكان له رأي سوء . والدارقطني قال في (السنن) : أجلح ليس بالقوي. وابن حبان: ذكره في كتابه المجروحين .
الطريق الرابع : طريق عمارة بن غزية، عن محمد، عن أبي سلمة، عن عائشة..
أخرجه النسائي ( 131/6 ).
في السند : ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺮﻳﻢ ( مصري، صدوق ليس بحجة )، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﻲ [سعيد بن الحكم]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﻳﻮﺏ ( صدوق، ليس بحجة ) ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺎﺭﺓ ﺑﻦ ﻏﺰﻳﺔ، ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ( يروي المناكير )
و يحيى بن أيوب الغافقي ضعفه الإمام مالك، وذكره العُقيلي (342/6 ). وقال إبن سعد عنه : منكر الحديث.
الطريق الخامس : طريق مطرف، عن أبي اسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة ..
أخرجه النسائي ( 82/6 ).
في السند : أبي اسحاق عمرو بن عبدالله ( مدلس ) وهو من الشيوخ المدلسين ولا يحتج بحديثه. وقد ضعفه أيضاً : الدارقطني، وابن حبان، والنسائي، ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﺘﺪﻟﻴﺲ، ﻭﻫﻮ ﺗﺎﺑﻌﻲ ﺛﻘﺔ، ﻭﺻﻔﻪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﺬﻟﻚ. ( ﻃﺒﻘﺎﺕ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ 1/ 42 - 91).
الطريق السادس : طريق أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه..
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ (1877)
في السند: ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ( مختلف فيه، ضعيف ).
عن ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ ( ثقة مدلس )
ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ( لم يسمع من أبيه )..
الخلاصة : جميع طرق الحديث ضعيفة ولا يصح منها حديث واحد
و هنالك 21 رواية واردة بهذا الشأن في كتب الصحاح الستة، منها 14 رواية عن هشام بن عروة والأخرى عن أبي عبيدة وأبي سلمة والأسود. ومن العجيب حقًا أنه لم يروِ هذه الحادثة المهمة جدًا في التاريخ والسيرة أحد من الصحابة الكبار!!
ومن الواضح ان هذه الأحاديث والمرويات وأمثالها تمت كتابتها من قبل حمراء الكوفة والقصد الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام . ولقد ظهرت هذه الروايات التي تتحدث عن زواج أم المؤمنين عائشة عليها السلام في سن مبكرة لأول مرة عام 185 هـ، في زمن الدولة العباسية وتسلط البرامكة ، وكانت بعد مضي وقت طويل على وفاة هشام وعروة، اللذان رويا معظم الأحاديث المتعلقة بهذا الموضوع. علاوة على ذلك، قد قضى هشام وعروة معظم حياتهما في المدينة، وكان الإمام مالك رحمه الله، محدث المدينة الشهير، تلميذًا لهشام بن عروة، ورغم ذلك لم يرد ذكر هذه الرواية في موطأ الإمام مالك رحمه الله.
وعند دنو أجله، فقد هشام بن عروة بصره، وتدهورت ذاكرته وفقاً لما ذُكر في السيرة ، وبدأ يعاني من الوهم وفقدان الذاكرة، وهاجر إلى الكوفة وهناك ذكر هذا الحديث لأول مرة!! أما الشخص الذي روى عنه هذا الحديث فقد رواه لشخص آخر بعد مرور أربعين سنة على وفاة هشام بن عروة!! وبالتالي لم يكن هناك إمكانية لإيجاد أي دليل هذه الرواية.
وهكذا، فإن حقيقة أن هشام لم يروِ هذه الرواية طيلة حياته في المدينة، وأنه ورد ذكرها في كتاب جُمع بعد سنوات طويلة من وفاته، تلقي بظلال الشك على صحتها.
بالإضافة الى ذلك هناك تناقض في روايات صحيح البخاري بخصوص عقد نكاح أم المؤمنين عائشة عليها السلام. حيث ذكر في إحدى الروايات أن النبي ﷺ قد تزوج أم المؤمنين عائشة بعد ثلاث سنوات من وفاة السيدة خديجة، بينما ورد في رواية أخرى أن السيدة خديجة توفيت قبل ثلاث سنوات من هجرة النبي ﷺ إلى المدينة المنورة وأنه انتظر لمدة عامين أو ما يقرب من ذلك قبل أن يعقد قرانه على السيدة عائشة عليها السلام.
إذا قمنا بتحليل قضية عمر أم المؤمنين عائشة من زاوية أخرى لوجدنا من كتب التاريخ والسيرة أن جميع أبناء سيدنا أبي بكر الصديق الأربعة (أي عبد الله وأسماء وعبد الرحمن وعائشة رضي الله عنهم) قد ولدوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وأن السيدة عائشة مدرجة أيضًا ضمن قائمة السابقين الأولين التي وضعتها كتب السيرة. فكيف يمكن إدراج اسم السيدة عائشة في قائمة المسلمين الأوائل إذا كانت قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة النبوية؟
كتب المؤرخون أن السيدة أسماء رضي الله عنها كانت أكبر بعشر سنوات من أم المؤمنين عائشة وأنه عند الهجرة كانت السيدة أسماء تبلغ من العمر 27 عامًا. فوفقًا لهذا يمكن أن تكون أم المؤمنين عائشة قد ولدت في السنة الرابعة قبل البعثة. وإذا افترضنا أن إعلان قرانها قد حصل قبل الهجرة فتكون عندها في الرابعة عشرة من عمرها.
ويوجد في صحيح البخاري رواية عن غزوة أحد التي وقعت في السنة الثانية للهجرة. وبحسب هذه الرواية كانت السيدة عائشة بنت أبي بكر والسيدة أم سليم تملآن قُرَبَ الماء وتحملانها على ظهريهما إلى المسلمين لتزويدهم بالمياه. فإذا كانت السيدة عائشة فتاة صغيرة، فكيف كانت قادرة على الركض في ساحة المعركة حاملة قربا مملوءة بالماء على ظهرها إلى الجرحى؟ وكيف كانت قادرة على أداء هذه المهمة؟
وبالتالي يثبت أيضًا أنها في السنة الثانية للهجرة كانت كبيرة بما يكفي لتكون قادرة على أداء مثل هذه المهمة الشاقة في ساحة المعركة.
أبو الحارث الدليمي







إرسال تعليق