مكاسب الأمير محمد بن سلمان من زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة
في زيارة تاريخية لوِلي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن — وهي الأولى منذ سبع سنوات — تم تحقيق عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية والدفاعية والاقتصادية التي تعكس نقلة نوعية في الشراكة السعودية-الأمريكية، وتعد بإعادة تشكيل التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط.
1. تعزيز الشراكة الدفاعية – "حلف استراتيجي تاريخي"
- تم توقيع اتفاق دفاعي استراتيجي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وصفته الإدارة الأمريكية بأنه ”تاريخي“.
- هذا الاتفاق يُعزز من قدرات الردع في الشرق الأوسط من خلال تسهيل عمل شركات الدفاع الأمريكية في السعودية، بما يقوي شبكة التعاون الأمني بين البلدين.
- من جهة أخرى، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستمكن السعودية من شراء طائرات F-35 من طراز الشبح، وهي خطوة استراتيجية كبيرة.
- وفق المصادر، هناك خطة لأن تشتري المملكة نحو 48 مقاتلة F-35
- أيضاً، تم الإشارة إلى شراء نحو 300 دبابّة Abrams أمريكية.
- بالإضافة إلى ذلك، حصلت السعودية على صفة شريك رئيسي غير عضو في الناتو من الولايات المتحدة، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون العسكري واللوجستي، مثل تسهيل نقل الأسلحة وتخزينها داخل المملكة.
2. استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأمريكي
- أحد أبرز المكاسب هو الالتزام السعودي بتوسيع استثماراته في الولايات المتحدة: من قيمة سابقة قدرها 600 مليار دولار إلى ما يُقارب 1 تريليون دولار.
- ستشمل هذه الاستثمارات قطاعات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي والتقانة.
- كما تم توقيع إطار للتعاون في المعادن الأساسية (critical minerals)، مما يعزز سلسلة التوريد ويؤمن المواد الخام الهامة لكلا البلدين.
3. الطاقة النووية المدنية
- تم التوصل إلى إعلان مشترك للتعاون النووي المدني، يتيح للشركة الأمريكية أن تكون شريكًا في برنامج نووي مدني سعودي طويل الأجل.
- هذا التعاون يأتي ضمن رؤية أوسع لتطوير البنية التحتية للطاقة في السعودية، ولتعزيز الأمن الطاقي والتنويع بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط.
4. الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا
- تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال الذكاء الاصطناعي بين الجانبين، تسمح للسعودية بالوصول إلى أنظمة أمريكية متقدمة مع مراعاة حماية التكنولوجيا الحسّاسة والحد من خطر تسريبها.
- أيضاً، الاتفاق على “إطار المعادن الأساسية” يعكس اهتمامًا بتكنولوجيا المستقبل، لأنه يوفر المواد الخام الضرورية لصناعة الرقاقات والتقنيات المتقدمة.
دور الاتفاقيات في السلام الإقليمي
جانب مهم من زيارة الأمير محمد بن سلمان الى الولايات المتحدة يرتبط بـ ملف السلام في الشرق الأوسط:
- خلال لقائه مع ترامب، أكد ولي العهد أنه يريد سلامًا مع إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة ككل، مشدّدًا على أن هناك "الكثير من العمل" مع الولايات المتحدة لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق حل الدولتين.
- في المقابل، هناك تحفظ سعودي واضح على التطبيع السريع بدون ضمان مكاسب فلسطينية، حيث شدّد بن سلمان على ضرورة رسم "طريق واضح لحل دولة فلسطين" قبل أي خطوات تطبيع كاملة.
- الاتفاق الدفاعي والاستثماري مع الولايات المتحدة يُنظر إليه أيضًا كرافعة استراتيجية لتعزيز الدور السعودي في الشرق الأوسط، بحيث تكون الرياض لاعبًا فاعلًا في استقرار المنطقة، وليس فقط متلقِّي دعم سياسي أو عسكري.
صفقة طائرات F-35: ما تعنيه ولماذا هي مهمة
صفقة طائرات F-35 هي واحدة من أكثر جوانب هذه الزيارة إثارة للجدل والأهمية:
- قوة عسكرية متقدمة
- استحواذ السعودية على مقاتلات F-35 يمنحها قدرات من الجيل الخامس، ما يعني تحسينًا كبيرًا في القدرات الجوية والتقنية.
- هذه الطائرات تمنح السعودية تفوقًا نوعيًا في الرصد والتسلّح والتدخل السريع، مع إمكانية حمل أسلحة متقدمة.
- رسائل استراتيجة
- هذه الصفقة تعد تحوّلًا في سياسة واشنطن إزاء تسليح الدول العربية، لأن السعودية قد تصبح من أولى الدول العربية التي تملك طائرات F-35 متطورة.
- من منظور إقليمي، الصفقة تشكّل إشعارًا بدور متزايد للسعودية كقوة عسكرية استراتيجية، وكذلك شريك دفاعي مهم للولايات المتحدة.
- ردود فعل إقليمية ودولية
- هناك قلق من بعض الأطراف، مثل إسرائيل، بشأن فقدان تمايزها العسكري إذا تزوّدت السعودية بطائرات متطورة جدًا.
- لكن من جهة أخرى، السعودية ترى أن هذه الخطوة تمنحها قدرة ردع أكبر، وتعزز مكانتها كحارس أمني إقليمي.
التحديات المحتملة والنقاط الحساسة
رغم المكاسب الكبيرة، هناك بعض التحديات التي يجب مراعاتها:
- ضمان التوازن العسكري الإقليمي: بيع F-35 للسعودية قد يثير مخاطر سباق تسلح، خصوصًا مع المخاوف الإسرائيلية من تراجع تفوقها الجوي.
- الرقابة التكنولوجية: التعامل مع تكنولوجيا متقدمة مثل F-35 والذكاء الاصطناعي يتطلب ضمانات صارمة لحماية التكنولوجيا الأمريكية من تسريبها إلى جهات ثالثة.
- مسار السلام: على الرغم من التصريحات، هناك تساؤلات حول مدى التزام جميع الأطراف بصيغة سلام تشمل الفلسطينيين، خاصة إذا ربطت بعض الاتفاقات بالدفع نحو التطبيع.
- التمويل والتنفيذ: التزام استثماري بقيمة تريليون دولار يبدو طموحًا للغاية، وقد يواجه عقبات في التنفيذ من الناحية التنظيمية أو الاقتصادية.
الخلاصة
زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة تمثل نقطة تحول كبيرة في العلاقات السعودية-الأمريكية:
- من خلال الاتفاقات الدفاعية، خصوصًا صفقة F-35، تُعزّز السعودية قدراتها العسكرية الاستراتيجية.
- عبر الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي والمعادن الأساسية، تُظهر طموحًا لتوطيد شراكة اقتصادية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.
- باتفاق النووي المدني، السعودية تضع الأساس لتحول طاقي وتكنولوجي بعيد المدى.
- في ملف السلام، تعلن المملكة رغبتها في لعب دور محوري للمساهمة في استقرار الشرق الأوسط، لكن بأسلوب فرض شروط تُراعي الحقوق الفلسطينية.
إذا نجحت هذه الاتفاقيات في التنفيذ الكامل، فإن زيارة بن سلمان لأمريكا قد تُسجل كواحدة من المحطات الرئيسية لإعادة توازن النفوذ الإقليمي وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن.
أبوالحارث الدليمي







إرسال تعليق