"مفهوم (آل البيت) في الإسلام وما ارتبط به من خرافات: تصحيح لغوي وشرعي"
لا يوجد في الإسلام مفهوم "آل البيت" ، إذ لا تصح لغويًا لأن (آل) لا تُضاف لغير العاقل والبيت غير عاقل. ولم يذكر القرآن الكريم عبارة "آل محمد"، لأن (آل) تُطلق على الأتباع والقوم المحددين في زمان ومكان معين،
ولأن النبي ﷺ لم يُرسل إلى قوم معينين كما كان الحال مع الأنبياء السابقين، بل بُعث للناس كافة، وكان نبيَّ آخر الزمان، فإن دعوته مستمرة، واتباعه في ازدياد مستمر. ولهذا لم يذكر القرآن "آل محمد" لأنهم لم يكتملوا بعد، ولن يكتملوا، فهم جميع المسلمين المؤمنين به، من أبي بكر رضي الله عنه أول المسلمين، إلى آخر مسلم قبل يوم القيامة. وبالتالي، فإن جميع مسلمي العالم هم "آل محمد"، من أول مسلم إلى آخر مسلم قبل يوم القيامة.
وليس للنبي ﷺ ذرية حتى يدعي مدع الانتساب اليه، لأن ذرية الرجل هم أبناء الظهر ونسل أولاده الذكور، أما أبناء البطن (البنات) فهم ذرية قوم آخرين.
أما "أهل البيت" فهم النبي ﷺ ونسائه حصراً وقصرا ، بنص القرآن الكريم، ولا يدخل معهم أحد، لا بالكساء المزعوم، ولا بالمباهلة، ولا بغيرهما.
لسنا مأمورين في الإسلام بحب قرابة النبي ﷺ أو موالاتهم لمجرد النسب، فليس ذلك من الدين في شيء، وإنما نحن مأمورون بحب وموالاة كل مؤمن، سواء كان من قرابة النبي ﷺ أم من غيرهم، على حد سواء، عربيًا كان أو أعجميًا، كما قال الله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" (التوبة:71).
وقد رفع الله أخوة الدين فوق أخوة النسب، فقال: "إنما المؤمنون إخوة" (الحجرات: 10). فالعقيدة هي الإرث الحقيقي للقلب المؤمن، وليست إرث العصبية العمياء. وهذا الإرث لا يقوم على قرابة الدم والجنس، بل على قرابة الإيمان والعقيدة، فمن آمن بهذه العقيدة ورعاها، فهو أحق بها من أبناء الصلب وأقرباء العصب. فالدين دين الله، وليس بينه وبين أحد من عباده نسب أو صهر.
لا فضل لقرابة النبيﷺ على أحد من المسلمين، ولا لأحد على أحد إلا بالإيمان والتقوى، كما قال الله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات: 13).
ومن اعتقد غير ذلك، فهو غير مؤمن بما جاء به محمد ﷺ، فقد أمره الله أن يقول: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي…" (الكهف: 110). أي أنه ﷺ بشر مثل كل الناس في أصل الخلقة والتكوين، ولا فرق بينه وبين أحد من البشر إلا بالنبوة، والإيمان، والتقوى. فلم يفضل النبي ﷺ البشر بسبب النسب والدم، وإنما بسبب النبوة، والعمل، والخلق العظيم، كما قال تعالى: "وإنك لعلى خلق عظيم" (القلم: 4). فكيف يمكن لمن هو أدنى منه أن يُفضل بمجرد النسب؟!
"إنما تتفاضلون بالدين"، هكذا أجاب رسول الله ﷺ عمومته حين سألوه: هل لنا من فضل إذا آمنا بك؟ فقال ﷺ: "لكم ما للمسلمين، وعليكم عليهم، إنما تتفاضلون في الدين." لكن هذا لم يعجب أبا لهب، فقال مستنكرًا: "تبا لهذا الدين الذي يساوي بيني وبين الناس!" فأنزل الله تعالى: "تبت يدا أبي لهب وتب" (المسد:1).
فلو كان للنسب فضل في الإسلام، لكان النبي ﷺ أوضحه لعمومته، ولكان أبو لهب اول المسلمين.
إذًا، كل من يدعي الفضل بالنسب والدم، فإنه يعارض صريح القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة" (النساء:1)، وقال: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" (الحجرات: 13).
ومن يزعم أن له حقًا إلهيًا في السلطة أو الثروة، فقد افترى على الله الذي قال: "إن الحكم إلا لله" (الأنعام:57)، وقال: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى:38).
وكذب على رسول الله ﷺ الذي قال: "اسمعوا وأطيعوا، وإن وُلِّيَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ كأن رأسه زبيبة" (رواه بن ماجه وأحمد ).
ومن زعم أن النبي ﷺ أوصى لقرابته بالولاية والإمامة، فقد كذب على النبي ﷺ واتهمه بالعنصرية والتناقض، وهو الذي قال: "إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين" (رواه البخاري وحققه بن العربي).
وقال ﷺ: "يا فاطمة بنت محمد، اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئًا" (رواه البزار ).
وقال ﷺ: "من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه" ( مسلم).
وقال ﷺ: "ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى" (رواه أحمد).
وقال ﷺ: "لينتهين أقوامٌ يفتخرون بآبائهم، أو ليكونن أهون على الله من الجُعْلِ، إن الله أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب" ( أبو داود والترمذي).
ومن زعم تفضيل عليٍّ على أبي بكر وعمر وعثمان، فقد طعن في الصحابة وعدالتهم، واتهمهم في دينهم وأمانتهم.
الخلاصة
(آل البيت) مصطلح وثني لا أساس له
ولا صحة لكل حديث ورد فيه، وأما "أهل البيت" فهن نساء النبي، وآل محمد أهل ملته.
قال العلامة نشوان الحميري:
"آل النبي هم أهل ملتهِ
من الأعاجم والسودان والعربِ
لو لم يكن آلُه إلا قرابتهِ
صلى المصلِّي على الطاغي أبي لهبِ!"
انتهى..
الأستاذ الحقوقي: عبد الكريم عمران
إرسال تعليق