أكذوبة رواية أكل السيدة هند لكبد الحمزة في معركة أحد
اكذوبة اكل سيدة نساء العرب هند بنت عتبة بن ربيعة رضي الله عنها وارضاها لكبد الحمزة .. حان وقت نسفها وبيان بطلانها بجميع طرقها المتهاوية لكي تقوم الحجة على من يقرأ هذه المقالة ولا زال مردداً لنفس الأكذوبة !.
ذُكِرت هذه الرواية في عدة مصنفات بأسانيد ضعيفة ومختلفة :
الرواية الأولى : روى الإمام أحمد في مسنده الرواية رقم (4414) : حدَّثنا عفَّان ، حدَّثنا حَمَّاد ، حدَّثنا عطاء بن السَّائب ، عن الشَّعبي ، عن ابن مسعود ، فذكر الحديث في غزوة أحد ، وفيه : ... فنظروا فإِذا حمزة قد بُقِرَ بطنهُ ، واخذت هند كبده فلاكتها ، فلم تستطِع أن تأكلها ، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ( أأكلت منه شيئاً ؟ ) قالوا : لا قال : ( ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النَّار ) !!
وهذا إسنادٌ ضعيف ، عطاء بن السائب كان قد اختلط ، قال ابن حجر في التقريب (ص 391) : "صدوق اختلط"
وسماع حمَّاد - وهو ابن سلمة - منه كان قبل الاختلاط وبعده ، ولم يتميز حديثه قبل الاختلاط عن حديثه بعده ..
انظر : "التهذيب" (ً7/207)
والشعبي لم يسمع من ابن مسعود رضي الله عنه ، كما قال أبو حاتم والدارقطني ..
انظر : "التهذيب" ( 5 / 68 )
فهذا إسنادٌ ضعيف منقطع ، وفي متنه ما يستنكر وهو قوله ( أأكلت مِنْهُ شيئاً ؟ ) قالوا : لا قال : ( ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النَّار ) ، وقد أسلمت هند رضي الله عنها وحسن إسلامها ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروى البخاري في صحيحه براوية رقم (3825) ، ومسلم في صحيحه برواية رقم (1714) عن عائشة رضي الله عنها قالت : « جاءت هند بنت عتبة ، قالت : يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض من أهل خباءٍ أحب إليَّ أن يذلُّوا من أهل خبائك ، ثُمَّ ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهلُ خِبَاءٍ ، أحب إِليَّ أن يعزُّوا من أهل خِبَائك ».
الرواية الثانية : من وضع ابن اسحاق الذي قال فيه الامام مالك رحمه الله دجالٌ من الدجاجلة ، قال ابن إسحاق :
"قد وقفت هند بنت عتبة كما حدثني صالح بن كيسان والنسوة الآتون معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ يجدعن الآذان والآناف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنافهم خدماً وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطيها وحشياً ، غلام جبير بن مطعم ، وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها ، فلم تستطع أن تسيغها" . انتهى من "سيرة ابن اسحاق" (ص 333)
وهذا إسناد مرسل لا يصح ، فصالح بن كيسان من صغار التابعين ، وجل روايته عن التابعين ، انظر : "التهذيب" ( 4/ 399-400 ).
الرواية الثالثة : من وضع الواقدي الكذاب رواها في "مغازيه" ( 1 / 286 ) عن وحشي بن حرب ، أنه قال بعد قتله حمزة : "... فشققت بطنه فأخرجت كبده ، فجئت بها هند بنت عتبة ، فقلت : ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك ؟ قالت : سلبي ، فقلت : هذه كَبِدُ حمزة ، فمضغتها ثُمَّ لفظتها ، فلا أدرِي لم تُسِغها أو قذَرَتها ، فنزعت حُلِيّها فَأَعطتنيه ، ثُمَّ قالت : إذا جِئت مكة فلَك عشرة دنانير ، ثُمَّ قالت : أرِني مصرعه ، فأريتها مصرعه ، فقطعت مذاكِيرَهُ ، وجدعت أنفه ، وقطعت أُذُنَيهِ ، ثُمَّ جعلت مسكتين ومعضدين حتى قدمت بذلك مكة ، وقدمت بكبده معها".
هذه رواية باطلة منكرة المتن ، والواقدي متشيع كذاب لا يشتغل به ، كذبه الشافعي ، وأحمد ، والنسائي وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث ..
"تهذيب التهذيب" ( 9 / 326 ).
الرواية الرابعة : ضيعفة ومنكرة أيضاً أوردها البيهقي في دلائل النبوة ( 3 / 282 ) من طريق محمد بن عمرو بن خالد ، قال : حدَّثنا أبي قال : حدَّثنا ابن لُهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة بن الزبير ، فذكر الحديث في غزوة أحد ، وفيه "... ووجدوا حمزة بن عبد المطلب عَمَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ قَد بُقِرَ بَطنُهُ ، واحتُمِلَت كَبِدُهُ ، حَمَلَهَا وَحشِيٌ ، وهو قَتَلَهُ وَشَقَّ بَطنَهُ ، فَذَهَبَ بِكبدهِ إلى هندِ بنت عُتبة في نَذرٍ نذَرتهُ حينَ قَتَلَ أباها يوم بَدر".
وهذا إسنادٌ ضعيف مرسل ، ابن لهيعة كان قد اختلط ، ومحمد بن عمرو بن خالد ذكره ابن يونس في "تاريخه" ( 1 / 459 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً !!.
الرواية الخامسة : نقلها ابن كثير في البداية والنهاية ( 5 / 419 ) عن موسى بن عقبة "أن الذي بقر كبد حمزة وحشي فحملها إلى هند ، فلاكتها فلم تستِطع أن تسيغها" انتهى .. وهذا مرسل أيضاً ، موسى بن عقبة تابعي صغير ، فكيف يكون في معركة أحد ونقل ذلك وهو لم يولد بعد ؟؟!!.
الأستاذ : وليد الزهراني
إرسال تعليق