أمير الأندلس عبدالرحمن بن معاوية - صقر قريش
في مثل هذا اليوم الخامس من شهر رمضان المبارك - 5 / 9 / 113 هـ - وُلد صقر قريش الأمير عبدالرحمن "الداخل" بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموي القرشي رحمه الله ورضي عنه وارضاه...
منقذ الإسلام في بلاد الأندلس مؤسس الدولة الأموية في المغرب بعد زوالها في المشرق الباعث الأول للحضارة العربية في أوروبا.
دخل الأمير عبدالرحمن بن معاوية الأندلس عام 138 هـ / 754 م - بعد فراره من الشام إلى الأندلس في رحلةٍ طويلة استمرَّت قرابة 6 سنوات ، إثر سقوط الدولة الأموية في دمشق سنة 132 هـ / 750 م ، وقيام العباسيين بجرائم بشعة يندى لها جبين التاريخ في الأمويين والعرب عموماً إذ تتبعوا أمراء بني أمية ساعين لتقتيلهم ونفيهم من الوجود ..
وما إن دخل الأمير عبدالرحمن الداخل إلى الأندلس بايعه أنصار الأمويين ومواليهم فيها ، إذ كانت تتأجج بالنزاعات القبلية والتمردات على الولاة ، وبعد موقعة المصارة 138 هـ ضد يوسف بن عبدالرحمن الفهري ، دخل عبدالرحمن بن معاوية الأموي مدينة قرطبة ليبايعه أهلها أميراً عليهم ، مُتخذاً منها عاصمة لحُكمه مؤسساً لحاضرة كبرى من الحواضر العالمية ظلَّت مناراةً للعلم والحضارة عدِّة قرون ..
قضى عبدالرحمن الداخل فترة حكمه التي استمرَّت 33 عاماً ، في إخماد الثورات والاضطرابات على حكمه في شتَّى أرجاء الأندلس ، إذ بلغت ما يزيد عن 25 ثورة وتمرُّد ، استطاع بقدرة فائقة قمع تلك الثورات وتوطيد ملكه تاركاً لخلفائه من بعده إمارة قوية استمرَّت في عقبه لنحو ثلاثة قرون ..
من ضمن الثورات الَّتي قامت عليه ثورة العلاء بن مغيث الجذامي الذي أرسله أبو جعفر العباسي لأخذ الأندلس ، ودعمه بمالٍ وفير وعقد له لواء السواد على أن يقضي على عبدالرحمن الداخل وتكون الأندلس للعلاء تحت ولاية الدولة العباسية ، فثار عام 146 هـ في باجة بعد أن استطاع أن يجمع حوله الناس والجند من أنصار الدولة العباسية ، فاستولى على شذونة ، فأرسل له الداخل جيشاً بقيادة مولاه بدر ، فسيطر على المدينة ، فتحرك العلاء بجيشه إلى إشبيلية ودخلها ، فخرج عبدالرحمن الداخل من قرطبة في جميع قواته إلى قرمونة وتحصن بها ومعه ثقات مواليه وخاصته ، فسار إليه العلاء وحاصره بها مدَّة شهرين ، عندئذٍ خرج عبد الرحمن في 700 من رجاله ليرد الهجوم بعد أن خارت قوى جيش العلاء ، فهزمهم وقتل العلاء.
أمر عبد الرحمن بحز رأس العلاء ورؤوس أشراف أصحابه ، ووضعت فيها صكوك بأسمائهم وحملوا بعضهم إلى أسواق القيروان ليلاً ، والبعض الآخر وفيهم رأس العلاء إلى مكة مع بعض التجار الثقات ومعه الرسالة واللواء الذي أعطاه أبو جعفر للعلاء ، فوضعوه أمام سرادق أبي جعفر الذي كان يحج ذلك العام ، فلمَّا رأى رأس العلاء انزعج وقال : « الحمد لله الذي جعل بيننا وبين هذا الشيطان بحراً » ..!!
توفي الأمير عبدالرحمن بن معاوية بن هشام الأُموي سنة 172 هـ في قرطبة بعد أن أسس دولة قوية وبعث حضارة عربية ، وظلَّ الإسلام في الأندلس ما يقارب ثمانية قرون بفضل الله تعالى ثم هذا الرجل العظيم ، فرحمه الله ورضي عنه وارضاه وجعل الجنة مثوانا ومثواه.
الأستاذ وليد الزهراني
إرسال تعليق