وظيفة الرسل : الهداية لا فرض الوصاية
وظيفة الرسل هي هداية الناس إلى توحيد الله، ودعوتهم إلى العمل بما يرضيه وترك ما يوجب سخطه، قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ (سبأ: 28). فالرسل مبشرون بالثواب، منذرون من العقاب، مرسلون إلى الناس كافة، لا لفرض الوصاية عليهم، ولا لتوريث النبوة والسلطة إلى أقاربهم. لكن السلاليين انحرفوا عن هذا المعنى العظيم، فظنوا أن النبي أُرسل ليخصهم بالمكانة، ويجعلهم أوصياء على الناس، يتحكمون في مصائرهم في الدنيا والآخرة. إنه الجشع السلالي، وحب الدنيا وكراهية الآخرة، الذي يدفعهم دائمًا إلى تحريف الرسالة، وتحويل فضل النبوة إلى امتياز وراثي خاص. وقد أمر الله نبيه أن يصرح بحقيقته ووظيفته، فقال: ﴿قل: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً﴾ (الكهف: 110). فالنبي بشر مثل سائر البشر، اصطفاه الله بالوحي، لا لتمييز ذاته أو رفع نسبه، بل لإبلاغ رسالة ربه إلى الناس كافة، يدعوهم إلى توحيد الله، ويبين أن القرب من الله يكون بالإيمان والعمل الصالح، لا بالنسب ولا بالقرابة. ولكن السلاليين لا يعقلون، إذ يظنون أن الرسالة اصطفاء نسب، وأن الوحي جاء ليرفع شأنهم، ويفرض وصايتهم على الناس، ويمنحهم امتيازات أبدية. قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ إنها رسالة رحمة لكل العالمين: للإنس والجن وسائر المخلوقات، لا رسالة تسلط سلالي، ولا وصاية طبقية على الناس. رحمة تهدي إلى ما فيه سعادة الناس في الدارين، لا نقمة تشقيهم بطاعة وخدمة أدعياء الوصاية والنسب المميز.!!
الأستاذ : عبدالكريم عمران
إرسال تعليق