مقياس الحق والباطل
{ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } ( الأنعام : 116 ) في هذه الآية يخاطب الله تعالى رسوله الكريم محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ، ويحذِّره من الانقياد خلف الأكثرية التي ذمَّها الله هنا ، لأن أكثر من في الأرض لا يتَّبعون الحق ، بل يسيرون خلف الظن والتخمين وما تهوى أنفسهم من الدعايات والشهوات ، وتؤكِّد بصراحة هذه الآية الكريمة أن الكثرة لا تعني الهُدى ، بل قد تكون وسيلة للضلال الجماعي ، فالحق في القرآن ليس مرتبطاً بالشعبية أو الأرقام ، بل بصفاء المنهج وثبات الحجة مهما قلَّ المتَّقين المصدِّقين بالأنبياء والمرسلين الذين اصطفاهم الله تعالى من خلقه ، والشواهد التاريخية كثيرة وتفيض بها الآيات الكريمة في أغلب سور القرآن الكريم .. إذاً القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ومن تكفَّل سبحانه وتعالى بحفظه من التحريف يحذِّرنا من الاغترار بالكثرة ، ويأمرنا بأن نزن الأمور بميزان الوحي لا بميزان الناس وما تصالحوا عليه ، فالمعيار عند الله عزَّ وجل هو الحقُّ المبني على الدليل ، لا على ما يجمع عليه الأكثرون من خلقه .
الأستاذ : وليد الزهراني
إرسال تعليق