دار الحكمة في بغداد .. غموض هذه الدار
يقول د. أحمد أمين في ضحى الإسلام متسائلا عن غموض هذه الدار
ومن الغريب أن هذا البيت محوط بغموض شديد لم يعثر الباحثون عنه إلا على نتف قليلة ، فهل كان مكتبة فقط أم مكتبة ومعهد ومرصد ؟ وما نظامه ؟ وما الأعمال التي يقوم بها ؟ كل هذه الأسئلة من العسير الإجابة عنها ، ولم يصل لأيدينا ما نستطيع أن نتخذ منه جوابا شفايا
قلت أنا إبراهيم :
من الطبيعي جدا أن تكون بهذا الشكل الغامض المريب فنظرة عمن تولى إدارتها وفي زمن من نشأت يزول عنك العجب
إنهما أحد كبار المانوية المتسترين (سهل بن هارون والفضل بن سهل السرخسي) وكانا أخطر من البرامكة حتى البرامكة أعجبوا فيهما وسموا الفضل بن سهل بالمجدد وهو ذو الرياستين عقد له المأمون لأنه تقلد وزارة السياسة والحرب وكان لا يحضر عند المأمون إلا وهو على كرسي مجنّح على عادة الساسانيين وهو الذي أمر المأمون بلبس الأخضر وجعلوه للعلويين وكان خصيصا بأكاسرة بني ساسان
وكان في دار الحكمة أيضا أبا سهل الفضل بن نوبخت وهي أسرة فارسية معروفة تولوا التنجيم للعباسيين من أيام أبي جعفر المنصور المحب للتنجيم إلى ما بعد المأمون ويعدون مانوية
وكان فيها النسابة الشهير علان الشعوبي الفارسي وهو الذي عمل كتاب الميدان في المثالب الذي هتك فيه العرب وأظهر مثالبها وابتدأ ببني هاشم قبيلة بعد قبيلة على الترتيب إلى آخر قبائل اليمن
وقد كانت خزائن كتب دار الحكمة مغلقة إلا على الخاصة زمن أبي جعفر المنصور وهو أول من أمر بترجمة ما عند الهند والفرس واليونان وكان ممن يقوم عليها أي خزائن الحكمة زمن المنصور محمد بن إسحاق الفارسي الذي كتب السيرة المعروفة بسيرة ابن اسحاق وقد قال فيه مالك بن أنس الحميري إمام دار الهجرة أنه زنديق
فهل عرفت الآن أن بيت الحكمة وكر كبير من أوكار الدولة العميقة بإشراف الخلفاء العباسيين , هل عرفت لماذا يطنب الغرب ويتمايل لما تذكر بيت الحكمة أو دار الحكمة ؟
أما خزائن بيت الحكمة من هذه الكتب والتراث فلا تظن أنها تلفت فالمانوية حريصة على تراثها
فقد شحنها نصير الدين الطوسي يوم سقطت بغداد على ثلاث دفعات إلى دار الرصد في مراغة بأذربيجان حاليا بإشراف مباشر من هولاكو وأخرجوا لك قصة رمي الكتب في نهر دجلة وتغير لون النهر ليضحكوا بها عليك ليجعلوك تتباكى
نعم لم يكن المغول همجا بل كل خطوة خطاها هولاكو سير قبلها عشرات الدعاة المانوية المتجولين وقتها والذين عرفوا باسم القلندرية وعلى رأسهم شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي وكان كلاهما مسؤولا بشكل مباشر عما جرى في دمشق وحلب على يد المغول
إذا تراث بيت الحكمة السري التابع للتنظيم العباسي السري انتقل من بغداد لدار الرصد في أذربيجان بإشراف هولاكو على يد نصير الدين الطوسي
وللحديث بقية..
الأستاذ : ابراهيم بالحمر
إرسال تعليق