من هم الطلقاء ؟! حقائق صادمة
أبناء الطلقاء
من هم الطلقاء؟
مصطلح الطلقاء يُطلق في التاريخ الإسلامي على جماعة من قريش، وخاصة من قادة قريش المشركين، الذين أسلموا يوم فتح مكة (سنة 8 هـ) بعد أن عفا عنهم النبي ﷺ وقال لهم:
«اذهبوا فأنتم الطلقاء».
قامت بعض الفرق الزائغة بتحويل هذه اللفظة إلى وسيلة للنيل من المسلمين، وسقوطها على كبار الصحابة ممن لا ينطبق عليهم هذا اللقب، مثل الصحابي أبا سفيان بن حرب والخليفة الراشد معاوية بن أبي سفيان.
سنذكر الأدلة التي تثبت أن معاوية وأبيه لم يكونوا من الطلقاء، بل أسلما قبل عام الفتح.
إسلام معاوية وأبيه
ابن كثير – البداية والنهاية
ينقل عن معاوية قوله:
«أسلمتُ يوم القضية ولكن كتمت إسلامي من أبي، ثم علم بذلك…»
(نقلًا عن روايات في تراجم معاوية).
الذهبي
يذكر بوضوح:
«قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي ﷺ من أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح.»
هذه العبارة واردة في تراجم وكتب السير.
الواقدي
«أسلم معاوية بعد الحديبية، وكتم إسلامه حتى أظهره عام الفتح، وكان في عمرة القضاء مسلماً.»
(نقلاً عن تراجم مبكرة عن المغازي).
رواية ابن شهاب الزهري:
“كان أبو سفيان قد أظهر الإسلام قبل دخول النبي ﷺ مكة، وكره قومه ذلك منه.”
(رواها ابن سعد في الطبقات الكبرى).
هذه الرواية أقوى من حيث الإسناد لأنها من طريق الزهري، وهو من أوائل المحدثين المؤرخين (من طبقة التابعين).
روايات عن حاطب بن أبي بلتعة:
في قصة كتاب حاطب إلى قريش، قال لعمر:
“ما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا، ولكن كان لي أهل بمكة، ولم يكن فيهم من يمنعهم إلا الله ورسوله والمؤمنون، وأبو سفيان قد مال إلى الإسلام…”
(وردت في بعض طرق الحديث عند أحمد والبيهقي، وفيها شواهد تُفهم أن أبا سفيان كان مائلًا إلى الإسلام قبل الفتح)
رواية البلاذري:
البلاذري في أنساب الأشراف يذكر أن أبا سفيان أظهر الميل إلى النبي ﷺ بعد الحديبية، وامتنع عن حضور أي حرب ضده بعد ذلك.
“فلم يشهد مع المشركين حربًا بعد الحديبية، وكان يميل إلى النبي ﷺ، ويستطلع أمره.”
خطب معاوية بن أبي سفيان فاطمة بنت قيس علنًا في السنة الثالثة للهجرة، وهو ما يفترض أنه كان مسلمًا آنذاك، لأن الزواج من امرأة مسلمة يتطلب أن يكون المخاطب مسلمًا.
وفق الروايات السابقة، يدل هذا على أن معاوية أعلن إسلامه وعلم به أبيه، وبالتالي يرجح أن أبا سفيان قد أسلم قبل الفتح.
من هم الطلقاء الحقيقيون
مصطلح “الطلقاء” لا يثبت في حق أبي سفيان، بل هو ثابت في حق العباس وعقيل بن عبد المطلب.
البلاذري – أنساب الأشراف (ج1، ص384)
«وأُسِرَ العباس وعقيل يوم بدر، ثم فديا أنفسهما، ورجعا إلى مكة، فأقاما بها حتى كان الفتح فأسلما، فهما من الطلقاء.»
هذا نص صريح قاطع لا يحتمل التأويل.
ويؤكد البلاذري، أحد أوثق رواة القرن الثالث الهجري، نصًا:
«فهما من الطلقاء.»
ويعتبر هذا أقدم وأوضح مصدر يثبت أن العباس وعقيل كليهما من الطلقاء.
ابن سعد – الطبقات الكبرى (ج5، ص14)
«أسلم عقيل يوم الفتح، وعدّه الناس في الطلقاء، وكان العباس قد أُسر ببدر مع المشركين، ثم فُدي، ثم أسلم يوم الفتح.»
إذن ابن سعد يقر أن العباس لم يُعتبر من المسلمين حتى الفتح، إذ يقول النص صراحة:«ثم أسلم يوم الفتح.»
فهو لم يهاجر قبل ذلك، ولم يشهد غزوة إلا بعد الفتح، ولذلك عُدّ من الطلقاء شأنه شأن بقية بني هاشم الذين بقوا بمكة.
الأستاذ والباحث : عمر الدليمي







إرسال تعليق