الفاتح العظيم عمرو بن العاص .. عظمة خالدة رغم أنف التشويه
الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، القائد العظيم والسفير الأمين المحنك، فاتح مصر، وأحد سادات العرب، داهية العرب عقلاً ورأيًا ولسانًا، وخطيب بليغ، محفوظ عنه الكثير من الشعر والحكمة. تميز بالشجاعة والحكمة والحنكة والدهاء،
من أصحاب الفضل في رفع لواء الإسلام في بلاد الشام ومصر وشمال إفريقيا.
رغم تأخر إسلامه إلى السنة الثامنة، إلا أنه ترقى سريعًا في مهام الثقة النبوية، فأرسله النبي ﷺ في سرايا متعددة، منها قيادة سرية ذات السلاسل بعد ثلاثة أشهر من إسلامة أميرا على كبار الصحابة بمن فيهم الصديق والفاروق رضي الله عنهم، وسرايا بعد الفتح لهدم صنم سواع، ثم أرسله سفيرًا ورسولًا إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين في عُمان، فأسفرت مهمته عن إسلامهما وانتشار الدين في عمان إلى اليوم.
وبعد وفاة النبي ﷺ، كان عمرو بن العاص أحد فرسان حرب الردة، قائد الميمنة في معركة اليرموك الشهيرة، وقائد معركة اجنادين، وأحد أبرز قادة فتح فلسطين، قائد فتح غزة وعمواس ويافا.
وعُين خليفةً للأمير أبي عبيدة بن الجراح في الشام بعد إصابته بطاعون عمواس.
كما فتح بلاد مصر وحكمها بعد هزيمة الروم، وأسس مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان لنقل الغنائم إلى الحجاز، فكانت مصر قاعدة استراتيجية للفتوحات في إفريقيا والمغرب الإسلامي.
ساهم بحكمته وحنكته في تهدئة الفتنة وحقن دماء المسلمين، وجمع كلمتهم حول راية الدولة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، محافظة على وحدة الأمة واستقرارها.
ومع كل هذه الإنجازات، ظل الصحابي الجليل والفاتح العظيم عمرو بن العاص مظلومًا في كتب التاريخ، حيث عمد كثير من المؤرخين إلى تشويه سيرته وتقزيم فضله، وإعطاء أحداث ثانوية مشكوك في صحتها مساحة أكبر من صفحات سيرته، بينما تختزل إنجازاته الجليلة في سطور قليلة.
فكم قيل عن مناظرته مع جعفر بن أبي طالب عند النجاشي، أو عن ما نسب إليه كذبًا عن دور في الفتنة والتحكيم، أو أكذوبة ضرب الذمي، حتى لكأن ليس في سجله ورصيده الا هذه الأحداث الصغيرة التي صارت جوهر سيرته، بينما حروب الردة، فتوحات الشام، فتح مصر العظيم، سفارته إلى عُمان، معركة ذات السلاسل، تمر مرور الكرام مجرد عناوين دون تفصيل وكأنها لا تمثل شيء بجوار تلك الخرافات.
هل يعقل أن يطغى ذكر الجدل مع النجاشي أو روايات التحكيم المكذوبة، على دوره العظيم على دوره في رسم خارطة العالم الإسلامي، وقيادته لأحداث جسام غيرت مجرى التاريخ؛ حروب الردة، معركة اليرموك، فتح الشام، فتح مصر، تأسيس الفسطاط، ورفع لواء الإسلام في إفريقيا والمغرب؟
إن هذا ليس مجرد تقصير، بل محاولة متعمدة لتقزيمه، ونزع البريق عن أعظم القادة الذين رفعوا راية الإسلام، والتي لا تزال إنجازاته حيّة إلى اليوم، وراية الإسلام ترفرف بها في عمان والشام ومصر حتى اليوم.
لقد عمل أعداء الإسلام على بث الشائعات حوله كما بثوها حول كثير من الصحابة والقادة الكبار، بروايات الكوفيين وكتابات الباطنيين والمستشرقين، بهدف الطعن في إسلامهم وسلب فضائلهم مقابل إضفاء القدسية على رموز وثنية ليس لها منجز يفتخر به…
كل ذلك الطعن في سيرهم، إنما هو طعن في إسلامهم، وطعن في النبي الذي رباهم، وفي أمانة الجيل الذي نقل القرآن إلينا.
رضي الله عنه، وعن جميع صحابة رسول الله ﷺ… وجعلنا من المحبين لهم والتابعين على بصيرة، مقتدين بإيمانهم وفضلهم وشجاعتهم.
الأستاذ الشيخ : عبدالكريم عمران







إرسال تعليق