الدولة الفاطمية لا العبيدية !!

الكاتب: مركز الفكر الرابع للدراسات والبحوث العلميةتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق



الدولة الفاطمية  لا الدولة العبيدية !!

عاشت الأمَّة قروناً تتداول دعايات سياسية صاغها البلاط العباسي لتقويض خصومه ، ومن أبرزها الطعن في نسب الفاطميين ، وتشويه دولتهم بوصفها "العبيدية" هذا الاصطلاح لم يكن توصيفاً علمياً بل اختراعاً دعائياً هدفه الانتقاص من خصوم سياسيين ينازعون العباسيين شرعيتهم ، والبحث التاريخي المحقق يكشف أن الفاطميين ينتسبون نسباً صريحاً إلى حسين بن علي بن أبي طالب ، وأن قصة اليهودي ميمون بن قداح مجرد تلفيق سياسي كما أن وصفهم بالعبيدية تكريس لذات الأكذوبة .. أولاً : حقيقة نسب الفاطميين .. أجمع النسَّابون والمؤرِّخون على إثبات نسب الفاطميين منهم على سبيل المثال : 1 - ابن حزم الأندلسي (ت 456 هـ) : « ومن ولد حسين بن علي … العقب منهم قائم بمصر وهم خلفاء القاهرة ، وهم بنو عبيد الله المهدي » "ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب ، ص 64 ، تحقيق إحسان عباس ، دار المعارف – القاهرة" 2 - ابن خلكان (ت 681 هـ) : « الفاطميون الذين ملكوا مصر من ولد الحسين … وما رماهم به خصومهم من يهودية الأصل فلا أصل له » "ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ج 4 ، ص 176 ، دار الثقافة" 3 - ابن خلدون (ت 808 هـ) : « وقد طعن بعض المؤرخين في نسبهم ونسبوهم إلى ميمون القداح ، وهذا مما لا يصح إذ النسب متصل ظاهر ، وما جرى إنما هو من دعايات خصومهم » "ابن خلدون ، العبر وديوان المبتدأ والخبر … ، ج 4 ، ص 93 ، دار الفكر" 4 - ابن عنبة الحسني (ت 828 هـ) : « وأما بنو عبيد الله المهدي صاحب المغرب ، فإن نسبهم صحيح متصل بالحسين بن علي … وما يُذكر عن ميمون القداح فباطل وضعه الخصوم » "ابن عنبة ، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، ص 199 ، دار المعارف" 5 - المقريزي (ت 845 هـ) : « وقد أكثر الناس في نسبهم القول غير أن الأنساب المحققة تشهد بصحتها ، وأن حملات بني العباس عليهم إنما هي منازعة سياسة » "المقريزي ، اتعاظ الحنفا ، ج 1 ، ص 32 ، تحقيق جمال الدين الشيال" ثانياً : أكذوبة ميمون بن قداح !! لم يثبت في أي مصدر أن الفاطميين من نسل ميمون بن قداح إلَّا في روايات مؤرخي البلاط العباسي أمَّا النسَّابون المستقلون لم يذكروا شيئاً من ذلك كما أن بعض كتَّاب الدولة العباسية اعترفوا صراحة أن الهدف من اختلاق هذه التهمة هو ضرب شرعية الفاطميين في المشرق بحسب المقريزي في اتعاظ الحنفا ، ج 1 ص 32 ..!! ثالثاً : مصطلح "الدولة العبيدية" .. هذا الوصف أطلقه العباسيون لتصغير اسم عبيد الله المهدي ، وربطه بالعبودية أو الهوان ، فلا أصل لهذا الاصطلاح في كتب النسب المحققة بل هو جزء من الحملة الدعائية العباسية ، واستخدامه اليوم يعني تكرار الأكاذيب وتكريس التلفيقات المشوهة على خصوم دولة السواد المشؤومة البائدة .. لذلك فإن الاصطلاح العلمي الصحيح هو الدولة الفاطمية ! رابعاً : البعد السياسي .. الدولة العباسية وجدت نفسها أمام منافس شرعي يزعم الانتساب إلى فاطمة رضي الله عنها بنت النبي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهذا يهدد أساس دعواها المبني على نسب عباس عم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، فلجأ العباسيون إلى الدعاية السوداء وهي الطعن بالنسب ، واختراع شخصية يهودية وهمية "ميمون بن قدَّاح" جدَّ الفاطميين كما يزعمون ، وإلصاق مصطلحات مثل "العبيدية" على دولتهم ، وهذه ليست سابقة ، فالعباسيون استخدموا السلاح نفسه مع خصوم آخرين كالأمويين وبقية الطالبيين العلويين الخارجين عليهم واصفين الثورات العلوية بالزندقة ، ورموا خصومهم بكل نقيصة .. إن الدولة الفاطمية التي امتدت من المغرب إلى مصر لا يمكن رد نسبها إلى يهودي مختلق كما روَّج العباسيون ، فشهادات النسَّابين المتقدِّمين تثبت نسبهم الحسيني العلوي الطالبي الهاشمي بلا ريب ، وما أطلقه خصومهم من وصف "العبيدية" ليس إلَّا سلاحاً دعائياً أُريد به كسر شرعيتهم ، وعليه فإن التسمية الصحيحة في البحوث العلمية التاريخية هي الدولة الفاطمية لا "العبيدية" لأن استعمال الأخيرة تكرار لأكذوبة عباسية لا نصيب لها من التحقيق العلمي الموضوعي !


الأستاذ : وليد الزهراني





شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5530503018128628799

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث