قصيدة الفرزدق في رثاء الحجاج بن يوسف الثقفي
( سَأَضَعُ الدُّنْيا كُلَّهَا في مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ )
كان آخر ما قاله الحجاج بن يوسف الثقفي رضي الله عنه وأرضاه في وصيته قبل وفاته « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ ، هٰذا ما أَوْصى بِهِ الحَجَّاجُ بْنُ يُوسُف : أَوْصى بِأَنَّهُ يَشْهَدُ أَنَّ لا إلـٰهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّهُ لا يَعْرِفُ إلَّا طاعَةَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ ، عَلَيْها يَحْيَا وَعَلَيْها يَمُوتُ وَعَلَيْها يُبْعَثُ »
ومن أصدقِ ما تفجَّرَ به لسانُ الفرزدقِ وأبلغه ما سكبه في رثاءِ الحجَّاجِ بنِ يوسفَ الثقفي ، فقد خرجت كلماته يومئذٍ من قلبٍ يَعرِفُ قدرَ الرجال ، فقال :
لِيَبكِ عَلى الحَجّاجِ مَن كانَ باكِياً
عَلى الدينِ أَو شارٍ عَلى الثَغرِ واقِفِ
وَأَيتامُ سَوداءِ الذِراعَينِ لَم يَدَع
لَها الدَهرُ مالاً بِالسِنينَ الجَوالِفِ
وَما ذَرَفَت عَينانِ بَعدَ مُحَمَّدٍ
عَلى مِثلِهِ إِلّا نُفوسَ الخَلائِفِ
وَما ضُمِّنَت أَرضٌ فَتَحمَلَ مِثلَهُ
وَلا خُطَّ يُنعى في بُطونِ الصَحائِفِ
لِحَزمٍ وَلا تَنكيتِ عِفريتِ فِتنَةٍ
إِذا اِكتَحَلَت أَنيابُ جَرباءَ شارِفِ
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَنكى رَزِيَّةً
وَأَكثَرَ لَطّاً لِلعُيونِ الذَوارِفِ
مِنَ اليَومِ لِلحَجّاجِ لَمّا غَدَوا بِهِ
وَقَد كانَ يَحمي مُضلِعاتِ المَكالِفِ
وَمُهمِلَةٍ لَمّا أَتاها نَعِيُّهُ
أَراحَت عَلَيها مُهمِلاتِ التَنايِفِ
فَقالَت لِعَبدَيها أَريحا فَعَقِّلا
فَقَد ماتَ راعي ذَودِنا بِالطَرايِفِ
وَماتَ الَّذي يَرعى عَلى الناسِ دينَهُم
وَيَضرِبُ بِالهِندِيَّ رَأسَ المُخالِفِ
فَلَيتَ الأَكُفَّ الدافِناتِ اِبنَ يوسُفٍ
تَقَطَّعنَ إِذ يَحثينَ فَوقَ السَقايِفِ
وَكَيفَ وَأَنتُم تَنظُرونَ رَمَيتُمُ
بِهِ بَينَ جَولَي هُوَّةٍ في اللَفايِفِ
أَلَم تَعلَموا أَنَّ الَّذي تَدفِنونَهُ
بِهِ كانَ يُرعى قاصِياتُ الزَعانِفِ
وَكانَت ظُباةُ المَشرِفِيَّةِ قَد شَفى
بِها الدينَ وَالأَضغانَ ذاتِ الخَوالِفِ
رحمك الله يا أبا محمد ورضيَ عنك وأرضاك وغفر لك وجزاك عن الإسلام وعن العربِ خيرَ الجزاء بقدْرِ ما أنصفك المنصفون ، وبقدْرِ ما افترى عليك المفترون الكاذبون الآثمون !
الأستاذ : وليد الزهراني







إرسال تعليق